ونوادر كثيرة من كلام المجانين وأهل المرّة «١» من الموسوسين، ومن كلام أهل الغفلة من النوكى، وأصحاب التكلف من الحمقى، فجعلنا بعضها في باب الاتعاظ والاعتبار، وبعضها في باب الهزل والفكاهة. ولكل جنس من هذا موضع يصلح له. ولا بد لمن استكدّه الجد من الاستراحة إلى بعض الهزل.
قال أبو عبيدة: أرسل ابن لعجل بن لجيم فرسا له في حلبة، فجاء سابقا، فقال لأبيه: يا أبه، بأي شيء اسميه؟ فقال: أفقأ إحدى عينيه، وسمه الأعور.
وشعراء مضر يحمّقون رجال الأزد ويستخفون أحلامهم. قال عمر بن لجأ:
تصطكّ ألحيها على دلائها ... تلاطم الأزد على عطائها
وقال بشار:
وكأنّ غلي دنانهم في دورهم ... لغط العتيك على خوان زياد
وقال الراجز:
لبّيك بي أرفل في بجادي ... حازم حقويّ وصدري باد «٢»
أفرّج الظلماء عن سوادي ... أقوى لشول بكرت صواد
كأنما أصواتها بالوادي ... أصوات حجّ من عمان غاد
وقال الآخر في نحوه:
فإذا سمعت هديلهن حسبته ... لغط المقاول في بيوت هداد
وبسبب هذا يدخلون في المعنى قبائل اليمانية. وقال ابن أحمر:
أخالها سمعت عزفا فتحسبه ... أهابة القسر ليلا حين تنتشر