وكان مهدي بن هليل يقول: حدثنا هشام، مجزومة، ثم يقول ابن ويجزمه، ثم يقول حسان ويجزمه، لأنه حين لم يكن نحويا رأى السلامة في الوقف.
وأما خالد بن الحارث، وبشر بن المفضل الفقيهان، فإنهما كانا لا يلحنان.
وممن كان لا يلحن البتة حتى كأن لسانه لسان أعرابي فصيح: أبو زيد النحوي، وابو سعيد المعلم.
وقال خلف: قلت لأعرابي: ألقي عليك بيتا؟ قال: على نفسك فألقه! وقال ابو الفضل العنبري لعلي بن بشير إني التقطت كتابا من الطريق فأنبئت إن فيه شعرا أفتريده حتى آتيك به؟ قال: نعم، إن كان مقيّدا. قال:
والله ما أدري أمقيد هو أم مغلول.
الأصمعي قال: قيل لأعرابي: أتهمز الرمح؟ قال: نعم. قيل له: فقلها مهموزة. فقالها مهموزة. قيل له: أتهمز الترس؟ قال: نعم. فلم يدع سيفا ولا ترسا إلا همزه. فقال له أخوه وهو يهزأ به: دعوا أخي فإنه يهمز السلاح أجمع.
وقال بعضهم: ارتفع إلى زياد رجل وأخوه في ميراث، فقال: إن أبونا مات، وإن أخينا وثب على مال أبانا فأكله. فأما زياد فقال: الذي أضعت من لسانك أضرّ عليك مما أضعت من مالك. وأما القاضي فقال: فلا رحم الله أباك، ولا نيّح عظم أخيك! قم في لعنة الله! وقال ابو شيبة قاضي واسط: أتيتمونا بعد إن أردنا أن نقم.
قد ذكرنا- أكرمك الله- في صدر هذا الكتاب من الجزء الأول وفي بعض الجزء الثاني، كلاما من كلام العقلاء البلغاء، ومذاهب من مذاهب الحكماء والعلماء، وقد روينا نوادر من كلام الصبيان والمحرّمين «١» من الأعراب،