وأما أبو حيّة النميري فإنه كان أجنّ من جعيفران، وكان أشعر الناس. وهو الذي يقول:
ألا حيّ أطلال الرسوم البواليا ... لبسن البلى مما لبسن اللياليا
وفي هذه القصيدة يقول:
إذا ما تقاضى المرء يوم وليلة ... تقاضاه شيء لا يمل التقاضيا
وهو الذي يقول:
فأرخت قناعا دونه الشمس واتقت ... بأحسن موصولين كف ومعصم
وحدثني أبو المنجوف قال: قال أبو حية: عنّ لي ظبي فرميته، فراغ عن سهمي، فعارضه والله السهم، ثم راغ فراوغه حتى صرعه ببعض الخبارات «١» .
وقال: رميت والله ظبية، فلما نفذ السهم ذكرت بالظبية حبيبة لي، فشددت وراء السهم حتى قبضت على قذذه «٢» .
وكان يكلم العمّار، ويخبر عن مفاوضته للجن «٣» .
وأما جرنفش فإنه لما خلع الفرزدق لجام بغلته، وأدنى رأسها من الماء قال له جرنفش: نحّ بغلتك حلق الله ساقيك! قال: ولم عافاك الله؟ قال: لأنك كذوب الحنجرة، زاني الكمرة! قال ابو الحسن: وبلغني أن الفرزدق لما أن قال له الجرنفش ما قال نادى: يا بني سدوس. فلما اجتمعوا إليه قال: سودوا الجرنفش عليكم، فإني لم أر فيكم أعقل منه.