وقريش تجول منا لواذا ... أن يقيموا وخف منها الحلوم
لم تطق حمله العواتق منهم ... إنما يحمل اللواء النجوم
وكان عقيل رجلا قد كف بصره، وله بعد لسانه وأدبه ونسبه وجوابه، فلما فضل نظراءه من العلماء بهذه الخصال، صار لسانه بها أطول. وغاضب عليا وأقام بالشام، وكان ذلك أيضا مما أطلق لسان الباغي والحاسد فيه. وزعموا أنه قال له معاوية: هذا أبو يزيد، لولا أنه علم أني خير له من أخيه لما أقام عندنا وتركه. فقال له عقيل:«أخي خير لي في ديني، وأنت خير لي في دنياي» .
وقال له مرة بصفين: أنت معنا يا أبا يزيد الليلة. قال: ويوم بدر قد كنت معكم.
وقال معاوية يوما: يا أهل الشام، هل سمعتم قول الله تبارك وتعالى في كتابه: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ
؟ قالوا نعم. قال: فإن أبا لهب عمه.
فقال عقيل: فهل سمعتم قول الله جل وعز: وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ
قالوا: نعم. قال: فإنها عمته. قال معاوية: حسبنا ما لقينا من أخيك.
وذكروا أن امرأة عقيل، وهي فاطمة ابنة عتبة بن ربيعة قالت: يا بني لا يحبكم قليي ابدا! أين أبي، أين عمي، أين أخي، كأن أعناقهم أباريق الفضة، ترد آنفهم قبل شفاههم. قال لها عقيل: إذا دخلت جهنم فخذي على شمالك.
وقيل لعمر رحمه الله: فلان لا يعرف الشر. قال: ذلك أجدر أن يقع فيه.