للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الربيع لا يقدم على مثل هذا إلا وفي يديه حجة، فإن شئتم أغضيتم على ما فيها، وإن شئتم سألته وأنتم تسمعون. قالوا: فسله. فدعا الربيع وقصوا قصته، فقال الربيع: هذا الفتى كان يسلم من بعيد وينصرف، فاستدناه أمير المؤمنين حتى سلم عليه من قريب ثم أمره بالجلوس، ثم تبذل بين يديه وأكل، ثم دعاه إلى طعامه ليأكل معه من مائدته، فبلغ من جهله بفضيلة المرتبة التي صيره فيها أن قال حين دعاه إلى غدائه: قد تغديت! فإذا ليس عنده لمن تغدى مع أمير المؤمنين إلا سد خلّة الجوع، ومثل هذا لا يقومه القول دون الفعل.

وحدثنا ابراهيم بن السندي عن ابيه قال: والله إني لواقف على رأس الرشيد، والفضل بن الربيع واقف في الجانب الآخر والحسن اللؤلؤي «١» يحدثه ويسائله عن أمور، وكان آخر ما سأله عن بيع أمهات الأولاد، فلولا إني ذكرت أن سلطان ما وراء الستر للحاجب، وسلطان الدار لصاحب الحرس، وأن سلطاني إنما هو على من خرج من حدود الدار، لقد كنت أخذت بضبعه «٢» وأقمته، فلما صرنا وراء الستر قلت له والفضل يسمع: أما والله لو كان هذا منك في مسايرة أو موقف لعلمت أن للخلافة رجالا يصونونها عن مجلسك.

وحدثني ابراهيم بن السندي قال: بينا الحسن اللؤلؤي في بعض الليالي بالرقة يحدث المأمون والمأمون يومئذ أمير، إذا نعس المأمون، فقال له اللؤلؤي: نمت أيها الأمير؟ ففتح المأمون عينيه وقال: سوقي والله خذ يا غلام بيده.

قال: وكنا يوما عند زياد بن محمد منصور بن زياد، وقد هيأ لنا الفضل ابن محمد طعاما، ومعنا في المجلس خادم كان لأبيهم، فجاء رسول الفضل إلى زياد فقال: يقول لك أخوك: قد أدرك طعامنا فتحولوا. ومعنا في المجلس ابراهيم النظام، وأحمد بن يوسف، وقطرب النحوي، في رجال من

<<  <  ج: ص:  >  >>