كلا، ولكنكم كنتم رعاة بين الإبل والغنم، فحملتم القنا في الحضر بفضل عادتكم لحملها في السفر، وحملتموها في المدر بفضل عادتكم لحملها في الوبر، وحملتموها في السلم بفضل عادتكم لحملها في الحرب. ولطول إعتيادكم لمخاطبة الإبل، جفا كلامكم، وغلظت مخارج أصواتكم، حتى كأنكم إذا كلمتم الجلساء إنما تخاطبون الصمّان. وإنما كان جل قتالكم بالعصي. ولذلك فخر الأعشى على سائر العرب فقال:
ولسنا نقاتل بالعصي ولا نرامي بالحجارة
إلا علالة أو بدا ... هة قارح نهد الجزاره»
وقال آخر:
فإن تمنعوا منا السلاح فعندما ... سلاح لنا لا يشترى بالدراهم
جنادل أملاء الأكفّ كأنها ... رؤوس رجال حلّقت بالمواسم «٢»
وقال جندل الطهوي:
حتى إذا دارت رحى لا تجري ... صاحت عصي من قنا وسدر
وقال آخر:
دعا ابن مطيع للبياع فجئته ... إلى بيعة قلبي لها غير آلف
فناولني خشناء لما لمستها ... بكفي ليست من أكفّ الخلائف
من الششنات الكزم «٣» أنكرت مسها ... وليست من البيض الرفاق اللطائف
معاودة حمل الهراوي لقومها ... فرورا إذا ما كان يوم التسايف «٤»