وحدثني بعض أصحابنا قال: كنا منقطعين إلى رجل من كبار أهل العسكر، وكان لبثنا يطول عنده، فقال له بعضنا: إن رأيت أن تجعل لنا إمارة إذا ظهرت لنا خففنا عنك ولم نتبعك بالقعود، فقد قال أصحاب معاوية لمعاوية مثل الذي قلنا لك فقال: أمارة ذلك أن أقول إذا شئتم. وقيل ليزيد مثل ذلك فقال: إذا قلت على بركة الله. وقيل لعبد الملك مثل ذلك فقال: إذا ألقيت الخيزرانة من يدي. فأيّ شيء تجعل لنا أصلحك الله؟ قال: إذا قلت يا غلام الغداء.
وفي الحديث أن رجلا ألحّ على النبي صلّى الله عليه وسلّم في طلب بعض المغنم وفي يده مخصرة، فدفعه بها، فقال يا رسول الله أقصني. فلما كشف النبي له عن بطنه احتضنه فقبل بطنه.
وفي تثبيت شأن العصا وتعظيم أمرها، والطعن على من ذم عاملها، قالوا: كانت لعبد الله بن مسعود عشر خصال: أولها السواد، وهو سرار النبي صلّى الله عليه وسلّم. فقال له النبي:«إذنك علي أن يرفع الحجاب، وتسمع سوادي» . وكان معه مسواك النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكانت معه عصاه.
قال ودخل عمير بن سعد على عمر بن الخطاب، حين رجع إليه من عمل حمص، وليس معه إلا جراب وإداوة وقصعة وعصا، فقال له عمر: ما الذي أرى بك، من سوء الحال أو تصنع؟ قال: وما الذي ترى بي، ألست صحيح البدن، معي الدنيا بحذافيرها؟ قال: وما معك من الدنيا؟ قال: معي جرابي أحمل فيه زادي، ومعي قصعتي أغسل فيها ثوبي، ومعي إداوتي أحمل فيها مائي لشرابي، ومعي عصاي إن لقيت عدوا قاتلته، وإن لقيت حية قتلتها، وما بقي من الدنيا فهو تبع لما معي.
وقال الهيثم بن عدي، عن شرقي بن القطامي وسأله سائل عن قول الشاعر:
لا تعدلنّ أتاويين تضربهم ... نكباء صر بأصحاب المحلات «١»