قال: والمحلات: الدلو، والمقدحة، والقربة، والفأس. قال: فأين أنت عن العصا؟ والصفن خير من الدلو وأجمع.
وقال النمر بن تولب:
أفرغت في حوضها صفني لتشربه ... في دائر خلق الأعضاد أهدام
وأما العصا فلو شئت أن أشغل مجلسي كله بخصالها لفعلت.
وتقول العرب في مديح الرجل الجلد، الذي لا يفتات عليه بالرأي:«لا ذلك الفحل لا يقرع أنفه» . وهذا كلام يقال للخاطب إذا كان على هذه الصفة، ولأن الفحل اللئيم إذا أراد الضراب ضربوا أنفه بالعصا.
وقد قال أبو سفيان بن حرب بن أمية، عندما بلغه من تزوج النبي صلّى الله عليه وسلّم بأم حبيبة، وقيل له: مثلك تنكح نساؤه بغير إذنه؟! فقال:«ذلك الفحل لا يقرع انفه» .
والحمار الفاره يفسده السوط وتصلحه المقرعة. وأنشد لسلامة بن جندل:
أنا إذا ما أتانا صارخ فزع ... كان الصراخ له قرع الظنابيب «١»
وقال الحجاج:«والله لأعصبنكم عصب السلمة، ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل» . وذلك أن الأشجار تعصب أغصانها، ثم تخبط بالعصي لسقوط الورق وهشيم العيدان:
ودخل أبو مجلّز على قتيبة بخراسان، وهو يضرب رجالا بالعصي، فقال:
أيها الأمير، إن الله قد جعل لكل شيء قدرا، ووقّت فيه وقتا، فالعصا للأنعام والبهائم العظام، والسوط للحدود والتعزير، والدرة للأدب، والسيف لقتال العدو والقود.