للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زمر المروءة لئيم الخال، حديث الغنى» ، فلما رأى أنه خالف قوله الآخر قوله الأول، ورأى الإنكار في عيني رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: «يا رسول الله، رضيت فقلت أحسن ما علمت، وغضبت فقلت أقبح ما علمت، وما كذبت في الأولى ولقد صدقت في الآخرة» . فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله عند ذلك: «إن من البيان لسحرا» .

فهاتان الخصلتان خصت بهما إياد وتميم، دون جميع القبائل.

ودخل الأحنف بن قيس على معاوية بن أبي سفيان، فأشار له إلى الوساد فقال له: اجلس. فجلس على الأرض، فقال له معاوية: وما منعك يا أحنف من الجلوس على الوساد؟ فقال يا أمير المؤمنين، إن فيما أوصى به قيس بن عاصم المنقري ولده أن قال: «لا تغش السلطان حتى يملك، ولا تقطعه حتى ينساك، ولا تجلس له على فراش ولا وساد، واجعل بينك وبينه مجلس رجل أو رجلين، فإنه عسى أن يأتي من هو أولى بذلك المجلس منك فتقام له، فيكون قيامك زيادة له، ونقصانا عليك» . حسبي بهذا المجلس يا أمير المؤمنين، لعله إن يأتي من هو أولى بذلك المجلس مني، فقال معاوية:

«لقد أوتيت تميم الحكمة، مع رقة حواشي الكلم» . وأنشأ يقول:

يا أيها السائل عما مضى ... وعلم هذا الزمن العائب

إن كنت تبغي العلم أو أهله ... أو شاهدا يخبر عن غائب

فاعتبر الأرض بسكانها ... واعتبر الصاحب بالصاحب

وذهب الشاعر في مرثية أبي دؤاد في قوله:

وأصبر من عود وأهدى إذا سرى ... من النجم في داج من الليل غيهب

إلى شبيه بقول جبار بن سلمى بن مالك بن جعفر بن كلاب، حين وقف على قبر عامر بن الطفيل فقال: «كان والله لا يضل حتى يضل النجم، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>