وروى الهيثم بن عدي عن أبي يعقوب الثقفي، عن عبد الملك بن عمير، قال: قدم علينا الأحنف بن قيس الكوفة، مع المصعب بن الزبير، فما رأيت خصلة تذم في رجل إلا وقد رأيتها فيه: كان صعل الرأس أحجن الأنف، أغضف الأذن «١» ، متراكب الأسنان، أشدق، مائل الذقن، ناتىء الوجنة، باخق العين «٢» ، خفيف العارضين، أحنف الرجلين، ولكنه كان إذا تكلم جلى عن نفسه.
ولو استطاع الهيثم أن يمنعه البيان أيضا لمنعه. ولولا أنه لم يجد بدا من أن يجعل له شيئا على حال لما أقر بأنه إذا تكلم جلى عن نفسه.
وقوله في كلمته هذه كقول هند بنت عتبة، حين أتاها نعي يزيد بن أبي سفيان، فقال لها بعض المعزين: إنا لنرجو أن يكون معاوية خلف من يزيد، فقالت هند:«ومثل معاوية لا يكون خلفا من أحد، فو الله إن لو جمعت العرب من أقطارها ثم رمي به فيها، لخرج من أي أعراضها شاء» . ولكنا نقول:
المثل الأحنف يقال:«إلا أنه كان إذا تكلم جلى عن نفسه» ؟
ثم رجع بنا القول إلى الكلام الأول فيما يعتري اللسان من ضروب الآفات. قال ابن الأعرابي: طلق أبو رمادة امرأته حين وجدها لثغاء، وخاف أن تجيئه بولد ألثغ، فقال:
لثغاء تأتي بحيفس ألثغ ... تميس في الموشيّ والمصبّغ
الحيفس: الولد القصير الصغير.
وأنشدني ابن الأعرابي كلمة جامعة لكثير من هذه المعاني، وهي قول الشاعر:
اسكت ولا تنطق فأنت حبحاب «٣» ... كلّك ذو عيب وأنت عياب