للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: وسمع عمرو بن عبيد، عبد الرحيم بن صديقة يقول: قال الحطيئة: إنما أنا حسب موضوع: فقال عمرو: كذب ترحه الله، ذلك التقوى.

وقال أبو الدرداء: نعم صومعة المؤمن منزل يكفّ فيه نفسه وبصره وفرجه. وإياكم والجلوس في هذه الأسواق، فإنها تلغي وتلهي.

وقال الحسن: يا ابن آدم، بع دنياك بآخرتك تربحهما جميعا، ولا تبع آخرتك بدنياك فتخسرهما جميعا. يا ابن آدم، إذا رأيت الناس في الخير فنافسهم فيه، وإذا رأيتهم في الشر فلا تغبطهم به. الثواء ها هنا قليل، والبقاء هناك طويل. أمتكم آخر الأمم وأنتم آخر أمتكم، وقد أسرع بخياركم فماذا تنتظرون؟ آلمعاينة؟ فكأن قد. هيهات هيهات، ذهبت الدنيا بحاليها، وبقيت الأعمال قلائد في أعناق بني آدم، فيالها موعظة لو وافقت من القلوب حياة! أما أنه والله لا أمة بعد أمتكم، ولا نبيّ بعد نبيكم، ولا كتاب بعد كتابكم. أنتم تسوقون الناس والساعة تسوقكم، وإنما ينتظر بأولكم أن يلحق آخركم. من رأى محمدا صلّى الله عليه وسلّم فقد رآه غاديا رائحا، لم يضع لبنة على لبنة، ولا قصبة على قصبة. رفع له علم فشمر إليه. فالوحاء والنجاء النجاء. علام تعرّجون. أتيتم ورب الكعبة. قد أسرع بخياركم وأنتم كل يوم ترذلون، فماذا تنتظرون. إن الله تعالى بعث محمدا عليه السلام على علم منه، إختاره لنفسه، وبعثه برسالته، وأنزل عليه كتابه، وكان صفوته مع خلقه، ورسوله إلى عباده، ثم وضعه من الدنيا موضعا ينظر إليه أهل الأرض، وآتاه منها قوتا وبلغه، ثم قال:

لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ

، فرغب أقوام عن عيشه، وسخطوا ما رضي له ربه، فأبعدهم الله واسحقهم. يا ابن آدم، طأ الأرض بقدمك فإنها عما قليل قبرك، واعلم أنك لم تزل في هدم عمرك مذ سقطت من بطن أمك. فرحم الله رجلا نظر فتفكر، وتفكر فاعتبر، واعتبر فأبصر، وابصر فصبر. قد أبصر أقوام فلم يصبروا فذهب الجزع بقلوبهم ولم يدركوا ما طلبوا، ولم يرجعوا إلى ما فارقوا. يا ابن آدم، أذكر قوله: وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>