فتفقد النصف الأخير من هذا البيت، فإنك ستجد بعض ألفاظه يتبرأ من بعض.
وأنشدني أبو العاصي قال: أنشدني خلف الأحمر في هذا المعنى:
وبعض قيض القوم أولاد علة ... يكد لسان الناطق المتحفظ «١»
وقال أبو العاصي: وأنشدني في ذلك أبو البيداء الرياحي:
وشعر كبعر الكبش فرق بينه ... لسان دعي في القريض دخيل
أما قول خلف:
وبعض قريض القوم أولاد علة
فإنه يقول: إذا كان الشعر مستكرها، وكانت ألفاظ البيت من الشعر لا يقع بعضها ممائلا لبعض، كان بينها من التنافر ما بين أولاد العلات. وإذا كانت الكلمة ليس موقعها إلى جنب أختها مرضيا موافقا، كان على اللسان عند إنشاد ذلك الشعر مؤونة.
قال: وأجود الشعر ما رأيته متلاحم الأجزاء، سهل المخارج، فتعلم بذلك أنه قد أفرغ واحدا، وسبك سبكا واحدا، فهو يجري على اللسان كما يجري الدهان.
وأما قوله «كبعر الكبش» ، فإنما ذهب إلى أن بعر الكبش يقع متفرقا غير مؤتلف ولا متجاور. وكذلك حروف الكلام وأجزاء البيت من الشعر، تراها متفقة ملسا ولينة المعاطف سهلة، وتراها مختلفة متباينة، ومتنافرة مستكرهة، تشق على اللسان وتكده، والأخرى تراها سهلة لينة، ورطبة مواتية، سلسة النظام، خفيفة على اللسان، حتى كأن البيت بأسره كلمة واحدة، وحتى كأن الكلمة بأسرها حرف واحد.