الموانع، ووفر عليهم الذكاء، وجلب اليهم جياد الخواطر، وصرف أوهامهم إلى التعرف، وحبب إليهم التبين، وقعت المعرفة وتمت النعمة.
والموانع قد تكون من قبل الأخلاط الأربعة على قدر القلة والكثرة، والكثافة والرقة. ومن ذلك ما يكون من جهة سوء العادة، وإهمال النفس، فعندما يستوحش من الفكرة، ويستثقل النظر. ومن ذلك ما يكون من الشواغل العارضة، والقوى المتقسمة. ومن ذلك ما يكون من خرق المعلم، وقلة رفق المؤدب، وسوء صبر المثقف. فإذا صفى الله ذهنه ونقحه، وهذبه وثقفه، وفرغ باله، وكفاه إنتظار الخواطر، وكان هو المفيد له والقائم عليه، والمريد لهدايته، لم يلبث أن يعلم.
وهذا صحيح في الأوهام، غير مدفوع في العقول.
وقد جعل الله الخال أبا. وقالوا:«الناس بأزمانهم أشبه منهم بآبائهم» .
وقد رأينا إختلاف صور الحيوان، على قدر إختلاف طبائع الأماكن.
وعلى قدر ذلك شاهدنا اللغات والأخلاق والشهوات. ولذلك قالوا:«فلان ابن بجدتها» ، و «فلان بيضة البلد» ، يقع ذما ويقع حمدا.
وقال زياد:«والله للكوفة أشبه بالبصرة من بكر بن وائل بتميم» » .
ويقولون:«ما أشبه الليلة بالبارحة» ، كأنهم قالوا: ما أشبه زمان يوسف ابن عمر بزمان الحجاج.
وقال سهل بن عمرو:«أشبه أمرأ بعض بزه «١» » .
وقال الأضبط بن قريع:«بكل واد بنو سعد» .
ولولا أن الله عز وجل أفرد إسماعيل من العجم، وأخرجه بجميع معانيه إلى العرب، لكان بنو اسحاق أولى به. وإنما ذلك كرجل قد أحاط علمه بأن