ثم وثب إليه ووثب معه بعض حشمه بالسيوف على أبي مسلم، فلما رآهم وثب، فبدره المنصور فضربه ضربة طوّحه منها «١» ، ثم قال:
إشرب بكأس كنت تسقي بها ... أمرّ في الحلق من العلقم
زعمت أن الدين لا يقتضى ... كذبت فاستوف أبا مجرم
ثم أمر فحز رأسه وبعث به إلى أهل خراسان وهم ببابه، فجالوا حوله ساعة ثم ردّ من شغبهم إنقطاعهم عن بلادهم، وأحاطة الأعداء بهم، فدلّوا وسلّموا له.
فكان اسحاق إذا رأى المنصور قال:
وما أحذو لك الأمثال إلا ... لتحذو إن حذوت على مثال «٢»
وكان المنصور إذا رآه قال:
وخلفها سابور للناس يقتدى ... بأمثالها في المعضلات العظائم
وكان المهديّ يحبّ القيان وسماع الغناء، وكان معجبا بجارية يقال لها «جوهر» ، وكان اشتراها من مروان الشامي، فدخل عليه ذات يوم مروان الشامي وجوهر تغنّيه، فقال مروان:
أنت يا جوهر عندي جوهرة ... في بياض الدرّة المشتهره
فإذا غنت فنار ضرّمت ... قدحت في كلّ قلب شرره
فاتّهمه المهدي، وأمر به فدعّ «٣» في عنقه إلى أن أخرج. ثم قال لجوهر: أطربيني. فأنشأت تقول:
وأنت الذي أخلفتي ما وعدتني ... واشمتّ بي من كان فيك يلوم