وناس سلموا من الهجاء بالخمول والقلة، كما سلمت غسان وغيلان من قبائل عمرو بن تميم، وابتليت الحبطات لأنها أنبه منها شيئا.
والنباهة التي لا يضرّ معها الهجاء مثل نباهة بني بدر وبني فزارة، ومثل نباهة بني عدس بن زيد وبني عبد الله بن دارم، ومثل نباهة الديان بن عبد المدان وبني الحارث بن كعب: فليس يسلم من مضرة الهجاء إلا خامل جدا أو نبيه جدا.
وقد هجيت فزارة بأكل أير الحمار، وبكثرة شعر القفا، لقول الحارث بن ظالم:
فما قومي بثعلبة بن سعد ... ولا بفزارة الشّعر الرّقابا
ثم افتخر مفتخرهم بذلك ومدحهم به الشاعر، قال مزرد بن ضرار:
منيع بين ثعلبة بن سعد ... وبين فزارة الشّعر الرقاب
فما من كان بينهما بنكس ... لعمرك في الخطوب ولا بكاب «١»
وأما قصة أير الحمار فإنما اللوم على المطعم لرفيقه ما لا يعرفه. فهل كان على حذف الفزاري في حق الأنفة أكثر من قتل من أطعمه الجوفان من حيث لا يدري «٢» ؟
فقد هجوا بذلك وشرفهم وافر. وقد هجيت الحارث بن كعب، وكتب الهيثم بن عدي فيهم كتابا فما ضعضع ذلك منهم، حتى كان قد كتبه لهم.
ولولا الربيع بن خثيم، وسفيان الثوري ما علم الناس أن في الرباب حيا يقال لهم بنو ثور.
وفي عكل شعر وفصاحة، وخيل معروفة الأنساب، وفرسان في الجاهلية