صار وقد شغلت عنه! فبكى ثم قال: عظني يا أبا عثمان؟ فقلت: إن الله قد أعطاك الدنيا بأسرها، فاشتر نفسك منه ببعضها، فلو أن هذا الأمر الذي صار إليك بقي في يدي من كان قبلك لم يصل إليك. وتذكّر يوما يتمخض بأهله لا ليلة بعده.
المدائني قال: سمعت أعرابيا يسأل وهو يقول: «رحم الله امرأ لم تمجّ أذنه كلامي، وقدم لنفسه معاذة من سوء مقامي، فإن البلاد مجدبة والحال سيئة، والعقل زاجر ينهى عن كلامكم، والفقر عاذر يحملني على أخباركم، والدعاء أحد الصدقتين، فرحم الله امرأ أمر بمير، أو دعا بخير» .
وقال رجل من طيىء:
قتلنا بقتلانا من القوم مثلهم ... كراما ولم نأخذ بهم خشف النخل
وقال آخر:
قتلنا رجالا من تميم أخايرا ... بقوم كرام من رجال أخاير
وسئل بعض العرب: ما العقل؟ قال: الإصابة بالظنون، ومعرفة ما لم يكن بما قد كان.
وقال جرير يعاتب المهاجر بن عبد الله:
يا قيس عيلان إني قد نصبت لكم ... بالمنجنيق ولما أرسل الحجرا
فوثب المهاجر فأخذ بحقوه وقال: لك العتبي يا أبا حزرة لا ترسله! وقال سويد بن صامت:
ألا رب من تدعو صديقا ولو ترى ... مقالته بالغيب ساءك ما يفري «١»
مقالته كالشحم ما دام شاهدا ... وبالغيب مأثور على ثغرة النحر «٢»
تبين لك العينان ما هو كاتم ... من الشر والبغضاء بالنظر الشزر