من الكبر مع السخاء والأدب. فأعظم بحسنة عفّت على سيئتين «١» ، وأفظع بعيب أفسد من صاحبه حسنتين.
وقيل لرجل- أراه خالد بن صفوان-: مات صديق لك! فقال: رحمة الله عليه، لقد كان يملأ العين جمالا، والأذن بيانا، ولقد كان يرجى ولا يخشى، ويغشى ولا يغشى، ويعطي ولا يعطى، قليلا لدى الشر حضوره، سليما للصديق ضميره.
وقام أعرابي ليسأل فقال: أين الوجوه الصّباح، والعقول الصّحاح، والألسن الفصاح، والأنساب الصّراح «٢» ، والمكارم الرّباح «٣» ، والصدور الفساح، تعيذني من مقامي هذا؟! ومدح بعضهم رجلا فقال: ما كان أفسح صدره، وأبعد ذكره، وأعظم قدره، وأنفد أمره، وأعلى شرفه، وأربح صفقة من عرفه، مع سعة الفناء، وعظم الإناء، وكرم الآباء.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه لصعصعة بن صوحان: والله ما علمت إنك لكثير المعونة، قليل المؤونة، فجزاك الله خيرا. فقال صعصعة: وأنت فجزاك الله أحسن ذلك، فإنك ما علمت بالله عليم، والله في عينك عظيم.
قال أبو الحسن: أوصى عبد الملك بن صالح ابنا له فقال: أي بنيّ أحلم فإن من حلم ساد، ومن تفهّم إزداد، والق أهل الخير، فإن لقاءهم عمارة للقلوب، ولا تجمح بك مطية اللجاج، ومنك من أعتبك، والصاحب مناسب، والصبر على المكروه يعصم القلب. المزاح يورث الضغائن، وحسن التدبير مع الكفاف خير من الكثير مع الإسراف، والإقتصاد يثمر القليل، والإسراف يثبّر