للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكثير «١» ، ونعم الحظ القناعة، وشر ما صحب المرء الحسد، وما كل عورة تصاب «٢» . وربما أبصر العمي رشده، وأخطأ البصير قصده. واليأس خير من الطلب إلى الناس. والعفّة مع الحرفة خير من الغنى مع الفجور. أرفق في الطلب وأجمل في المكسب، فإنه رب طلب قد جر إلى حرب. ليس كل طالب بمنجح، ولا كل ملحّ بمحتاج، والمغبون من غبن نصيبه من الله. عاتب من رجوت عتباه، وفاكه من أمنت بلواه. لا تكن مضحاكا من غير عجب، ولا مشاء إلى غير أرب. ومن نأى عن الحق ضاق مذهبه، ومن اقتصر على حاله كان أنعم لباله. لا يكبرن عليك ظلم من ظلمك، فإنه إنما سعى في مضرته ونفعك. وعوّد نفسك السماح، وتخير لها من كل خلق أحسنه، فإن الخير عادة، والشر لجاجة، والصدود آية المقت، والتعلّل آية البخل. ومن الفقه كتمان السر، ولقاح المعرفة ودراسة العلم، وطول التجارب زيادة في العقل، والقناعة راحة الأبدان. والشرف التقوي. والبلاغة معرفة رتق الكلام وفتقه.

بالعقل تستخرج الحكمة، وبالحلم يستخرج غور العقل، ومن شمّر في الأمور ركب البحور، شر القول ما نقض بعضه بعضا. من سعى بالنميمة حذره البعيد، ومقته القريب. من أطال النظر بإرادة تامة أدرك الغاية، ومن توانى في نفسه ضاع: من أسرف في الأمور انتشرت عليه، ومن اقتصد اجتمعت له، واللجاجة تورث الضياع للأمور. غبّ الأدب أحمد من إبتدائه. مبادرة الفهم تورث النسيان. سوء الإستماع يعقب العيّ. لا تحدّث من لا يقبل بوجهه عليك، ولا تنصت لمن لا ينمي بحديثه إليك. البلادة في الرجل هجنة «٣» ، قلّ مالك إلا استأثر، وقلّ عاجز إلا تأخر. الإحجام عن الأمور يورث العجز، والإقدام عليها يورث إجتلاب الحظ. سوء الطّعمة يفسد العرض «٤» ، ويخلق الوجه، ويمحق الدين. الهيبة قرين الحرمان، والجسارة قرين الظفر، ومنك من أنصفك، وأخوك من عاتبك، وشريكك من وفى لك، وصفيك من اترك.

<<  <  ج: ص:  >  >>