من حديث مُحَمَّد بن يحيى القُطَعي، فنظرت في الجزء، قلت: لعَلي أجد هذا الحديث، فوجدت الحديث في الجزء، فلم أخبر أصحابي، وغدوتُ إلى باب أبي مُحَمَّد بن صاعد، فصادفته قاعدًا على الباب، فسفمت عَلِيه، ونظر إلي فقال: مالك؟ قلت: يا أبا مُحَمَّد البشارة، وجدنا حديث أَيُّوب، عن نافع في أصل كتاب عَلِي بن الحُسَيْن الصَّفار، عن مُحَمَّد بن يحيى القُطَعِي، فأخذ الجزء ورمى به، ثم أسمعني فقال: يا فاعل، حديثٌ أحدث به أنا، أحتاج أن يتابعني عَلِيه عَلي بن الحُسَيْن الصَّفار؟! ".
وفي "تارِيْخ الإِسْلام" للذهبي: "وقد حدَّث ابن صاعد بحديثٍ استغربوه، قال ابن المُظَفَّر: ثم وجدناه عند حين الصَّفار، فجئت ابن صاعد أعْدو أبِشْره، فقال: يا صبي، أنا أحتاج إلى متابعة الصَّفار؟! فخجلت وقمت".
قال الخَطِيْب في "تارِيْخه": "سمعت البَرْقاني يقول: قال لي أبو بَكْر الأَبْهَري الفقيه: كنت عند يحيى بن مُحَمَّد بن صاعد، فجاءته امرأة فقال له: أيها الشَّيْخ ما تقول في بئر سقطت فيها دجاجة فماتت، هل الماء طاهر أم نجس؟ فقال يحيى: ويحك كيف سقطت الدجاجة في البئر؟ قالت: لم تكن البئر مغطاة، فقال: ألا غطيتها حتى لا يقع فيها شيء؟ قال الأَبْهَري: فقلت لها: يا هذه، إن لم يكن الماء تغير فهو طاهر، ولم يكن عند يحيى من الفقه ما يجيب المرأة".
قال الخطِيْب: "هذا القول تظنن من الأَبْهَري، وقد كان يحيى ذا محل من العلم، وله تصانيف في "السُّنَن"؛ وترتيبها على الأحكام يدل من وقف عَلِيها وتأملها على فقهه، ولعل يحيى لم يجب المرأة؛ لأن المسألة فيها خلاف بين أهل العلم؛ فتورع أن يتقلد قول بعضهم، وكره أن ينصب نفسه للفتيا، وليس هو من المرتسمين بها، وأحب أن يكل ذلك إلى الفقهاء المشتهرين بالفتاوى والنظر، والله أعلم".