للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حديث، مما لم أشك أنه قلبها، كان على عهدي به قديمًا، وهو لا يفعل إلا قلب الأَخْبَار عن الثقات، والطعن على أحاديث الأثبات، ثم آخر عمره جعل يدّعي شيوخًا لم يرهم، وروى عنهم، وذاك أني سألته قلت: يا أبا بِشْر أقدم من كتبت عنه بمرو مَنْ؟ قال: أَحْمَد بن سَيّار، ثم لما امتحن بتلك المحنة، وحمل إلى بخارى، حدث يومًا في دار أبي الطَّيْب المُصْعَبىِّ، عن عَلِي بن خَشْرم، والفرياناني وأقرانهما، وأنا أذكر من تلك الأحاديث التي كان يقلبها على الثقات أحاديث ليستدل بها على ما رواها".

ثم سرد له ابن حِبَّان عدة أحاديث وقال: "حدثنا أبو بِشْر بهذه الأحاديث، من كُتُب له، عُمِلَت أخيرًا مصنَّفة، إذا تأملها الإنسان توهم أنها عتق، فتأملت يومًا من الأيام جزءً منها بالي الأطراف أصفر الجسم، فمحوته بإصبعي، فخرج من تحته أبيض، فعلمتُ أنه دخنها، والخط خطه، كان ينسبها إلى جده، وهذه الأحاديث التي ذكرنا أكثرها مقلوبة ومعمولة، عملت يداه، على أنه كان -رحمه الله- من أصلب أهل زمانه في السُّنة، وأنَصْرهم لها، وأذبهم لحريمها، وأقمعهم لمن خالفها، وكان مع ذلك يضع الحديث ويقلبه، فلم يمنعنا ما علمنا من صلبته في السنة ونَصْرته لها أن نسكت عنه، إذ الدين لا يوجب إلا إظهار مثله فيمن وجد، ولو جئنا إلى شيء يكذب فسرناه عَلِيه لصلابته في السنة، فإن ذلك ذريعة إلى أن يوثق مثله من أهل الرأي، والدين لا يوجب إلا القول الحق فيمن يجب، سواء كان سنيًا أو انتحل مذهبًا غير السُّنُة، إذا تأمل هذه الأحاديث استدل لها على ما رواها، ما لم نذكرها، ولم يشك أنها من عمله، ونسأل الله عز وجل إسبال الستر بمنه.

سمعت أبا بَكْر أَحْمَد بن إِسْحاق بن أَيُوب الصِّبغي، يقول: كنت في دار أَحْمَد بن سَهْل ننتظر الأذان؛ مع مُحَمَّد بن إِسْحاق بن خُزَيْمَة وجماعة من المشايخ، ومعنا أبو بِشْر المَرْوَزِي، فذكر أبو عَلِي الجنائزي باب اليمين مع الشاهد، فذكر كل واحد

<<  <  ج: ص:  >  >>