للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَبْد الرَّحمن، ولم يكن للمسجد باب غيره، وكان فيه شباك من جانب آخر إلى الطريق، وكان مع عَبْد الرَّحمن نفر من أصحابه، فلما رأو أنهم قد أخذوا الباب، وثبوا إلى الشباك فانتزعوه، وخرج عَبْد الرَّحمن من موضع الشباك، ونجاه الله تعالى، وأغاروا على داره وحملوا من داره الأثاث والآلات، فخرج إلى السربان محلة بالرّي، فأقام به ستة أشهر، فلما رجع إلى داره بعد ثلاثة أيام، خرج من دار النساء إلى دار الرجال يتمسح للصلاة؛ فسمع الصياح، فقال: أيش هذا؟ قالوا: مات الزَّعْفَراني، فقال: ما شاء اللّه، لم يزد عَلِيه، ثم مشى خطوتين أو ثلاث، فقال: لا إله إلا الله وإليه المصير.

وكان أقل ما يشتغل بذكر الزَّعْفَراني وذكر أصحابه، مع ما نال من جهته، ولم يدعنا نشتغل بذكره، وقال: اشتغلوا بذكر الله؛ يكون خيرًا لكم وأفضل.

قال أهل التواريخ: وقع الدُّوْد في لسان الزَّعْفَراني قبل موته، وقيل: مات بورم الرأس، ووقع في لسانه الدُّوْد.

وقال أَحْمَد بن عَلي أَحْمَد البزَّار: كنت حاجًا سنة تسع وثلاثمائة، فكنت عند بيت اللّه الحرام، والخلق في الطواف إذ قام مناد على الحجر، فقال: أيها الناس العنوا الزَّعْفَراني وأصحابه، ونادى لعن اللّه الزَّعْفَراني، وفي رواية: فلعنه الناس معه، قال: ورجعت إلى بَغْداد؛ فسمعت في دار القُطْن رجلًا يسقي الناس الماء وهو ينادي؛ ويقول: اشربوا مجانًا ماءً باردًا، والعنوا الزَّعْفَراني، فكانوا يشربون ويلعنون (١).

وقال أَحْمَد بن الحَسَن الرَّازي: رأيت ابن أبي الحسَن القَصَّار -وكان من الجهْمِيّة- يريد دخول الحمام فقال له رجل: إن عَبْد الرَّحمن بن أبي حاتم يقول:


(١) قال البَغْدادي في كتاب "الفرق بين الفرق" (ص ١٩٣): ذكر بعض أصحاب التواريخ أن هذا الزَّعْفَراني أراد أن يشهر نفسه في الآفاق، فاكترى رجلًا على أن يخرج إلى مكة يَسُبُّه ويلعنه في مواسم مكة؛ ليشتهر ذكره عند حجيج الآفاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>