للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإيْذجي، قال: "كان أبو خَلِيْفَة صديقًا لأبي وعمي، منذ أيام وفد إلى كور الأهواز، في فتنة الزنج، فلما قدمت البصرة، قدمتها مع أبي، فأنزلنا أبو خَلِيْفَة داره، وأكرمنا، ومكّني من كتبه، فكنت أقرأ عَلِيه، كلما أريد، وأسمع كيف شئت وأحب، وأكتب وأنسخ لنفسي أصوله، فإذا كان الليل جلسنا، وتحدثنا، فربما رمت القراءة عَلِيه، فيجيبني، فإذا أضجرته بكثرة القراءة عَلِيه يقول: يا بنيّ رَوْحني، فأقطع القراءة وإذا استراح أخرج من كفه دفترًا، من ورق أصفر من الورق العتيق، فيقول: إقرأ عَلي من هذا، فإنه خطي، وما تقرأه عَلي فهو غير خطي، فكنت أقرأ عَلِيه منه، وكان فيه ديوان عمران بن حطان، وكان يبكي على مواضع منه، فأنشدته ليلة القصيدة التي منها:

يا ضربةً من تقي ما أراد بها … إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانًا

إني لأذكره يومًا فأحسبه … أحظى البرية عند الله ميزانًا

فبكى عَلِيهما، لما انتهيت إليهما، حتى كاد يغمى عَلِيه، فاستطرفت ذلك، وعجبت منه، فلما كان من الغد اجتمعت مع المفجع، فحدثته بذلك، واغتررت به للأدب، واستكتمته إياه، فأشاعه، وعمل:

أبو خَلِيْفَة مَطْويٌّ على دَخَنِ … للهاشميِّين في سرٍّ وإعلانِ

ما زلتُ أعرفُ ما يُخْفِي وأَنِكرُه … حتى اصطفى شعر عِمْرانَ بن

وأنشدنيها لنفسه، وأنشدها غيري، … ".

قال الحافظ في "اللسان" بعد أن ساق طرفًا من هذه الحكاية: فهذا ضد ما حكاه السُلَيْماني، ولعله أراد أن يقول: ناصبي، فقال: رافضي. والنصب معروف في كَثِيْر من أهل البصرة".

قال مقيده -عفا الله عنه-: أبو عَلي الإيْذِجي راوى الحكاية غير معروف،

<<  <  ج: ص:  >  >>