للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"ثم غسل وجهه ثلاثاً" فيه تقديم غسل الكفين قبل إدخالهما الإناء، ثم المضمضة والاستنشاق، ثم بعد ذلك غسل الوجه ثلاثاً "ثم غسل وجهه" العطف عطف الوجه على المضمضة والاستنشاق، العطف يقول أهل العلم: إنه يدل على إيش؟ على المغايرة، إذاً الاستنشاق والاستنثار غير غسل الوجه، ويأتينا في بيان حكم المضمضة والاستنشاق أن الفم والأنف داخلان في الوجه مع خلاف في ذلك، كما سيأتي -إن شاء الله تعالى-، وعطف الوجه عليهما دال على المغايرة.

"ثم غسل وجهه ثلاثاً، ثم غسل يديه إلى المرفقين" وإلى هنا غاية والغاية داخلة بدليل ما جاء في وصف وضوئه -عليه الصلاة والسلام- وأنه أدار الماء على مرفقيه، وغسل يديه حتى أشرع في العضد، فدل على أن المرفقين داخلان، وإن كان دخول الغاية في المغيا ليس مطرداً.

"ثم مسح رأسه بيديه" يعني بالماء الذي بيديه، المبلولتين بالماء "فأقبل بهما وأدبر" أقبل وأدبر، بدأ بمقدم رأسه، الجملتان الثانية توضيحية للأولى، لكن هل بينهما اتفاق وإلا بينهما اختلاف؟ ذكرت الثانية لتوضيح الأولى، أقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه، يعني لو لم يقل بدأ بمقدر رأسه، نفهم من قوله: فأقبل بهما وأدبر أنه بدأ بإيش؟ بمؤخر رأسه، لو لم تأتِ الثانية لبيان الحال، بيان الواقع، لبيان الجملة الأولى لقلنا: إن البداءة بالمؤخر، أقبل، والإقبال يكون إلى جهة الوجه، والإدبار إلى جهة القفا، وللتوفيق بين الجملتين أما أن نقول: إن الواو لا تقتضي الترتيب، نعم، فيكون الأمر فيه سعة، لا تقتضي الترتيب الواو، كما هو الأصل فيها، أو نقول -مع أن فيه تكلف لما قاله دقيق العيد-: فأقبل بهما إلى قفاه، وأدبر بهما عنه، يعني عن القفا، أقبل بهما إلى قفاه كذا قال ابن دقيق العيد، وفيه تكلف، لكن كون الواو لا تقتضي ترتيب ينحل الإشكال.