للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"سئل مالك: عن رجل نسي الإفاضة حتى خرج من مكة، ورجع إلى بلاده, فقال: أرى إن لم يكن أصاب النساء فليرجع؛ فليفض" يغني ما عليه إلا أن يرجع إلى مكة ويطوف, ليس عليه أن يحرم من جديد؛ لأنه تحلل من إحرامه "وإن كان أصاب النساء فليرجع؛ فليفض ثم ليعتمر وليُهدي" فليفض ثم ليعتمر وليهدي؛ هل يلزمه أكثر من أن يأتي بما أوجب الله عليه؟ فيما مضى قلنا: أن الذي يقع منه الجماع بعد التحلل الأول؛ عليه أن يهدي؛ عليه هدي, وعليه أن يأتي بجميع أعمال الحج، هذا رجع إلى بلده, يقول: "إن كان أصاب النساء فليرجع فليفض ثم ليعتمر وليهدي" يلزمه عمره؛ مثل ما جاء عن ابن عباس في رواية عكرمة "ثم ليعتمر وليهدي ولا ينبغي له أن يشتري هديه من مكة، وينحره بها" لا ينبغي له أن يشتري هديه من مكة وينحره بها؛ لا سيما إذا كان آفاقياً "ولكن إن لم يكن ساقه معه من حيث اعتمر" يعني من حيث أحرم بالعمرة "فليشتريه بمكة, ثم ليخرجه إلى الحل" لأن السَّوق لا يتصور إلا من الحل إلى الحرم "ثم ليخرجه إلى الحل, فليسقه منه إلى مكة, ثم ينحره بها" نعم.

أحسن الله إليك

[باب: ما استيسر من الهدي:]

حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه: أن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- كان يقول: ما استيسر من الهدي شاة.

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- كان يقول: ما استيسر من الهدي شاة، قال مالك: وذلك أحب ما سمعت إلي في ذلك؛ لأن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [(٩٥) سورة المائدة] , فمما يُحكم به في الهدي شاة, وقد سماه الله هدياً, وذلك الذي لا اختلاف فيه عندنا؛ وكيف يشك أحد في ذلك؟ وكل شيء لا يبلغ أن يحكم في ببعير أو بقرة, فالحكم فيه شاة, وما لا يبلغ أن يحكم فيه بشاة فهو كفارة من صيام أو إطعام مساكين.