الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء, واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
[باب: جامع بيع الطعام]
حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن عبد الله بن أبي مريم أنه سأل سعيد بن المسيب فقال: إني رجل ابتاع الطعام يكون من الصكوك بالجار, فربما ابتعت منه بدينار ونصف درهم فأعطى بالنصف طعاماً، فقال سعيد: لا، ولكن أعط أنت درهماً، وخذ بقيته طعاماً.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن محمد بن سيرين كان يقول: لا تبيعوا الحب في سنبله حتى يبيض.
قال مالك -رحمه الله-: من اشترى طعاماً بسعر معلوم إلى أجل مسمى فلما حل الأجل قال الذي عليه الطعام لصاحبه: ليس عندي طعام فبعني الطعام الذي لك علي إلى أجل, فيقول صاحب الطعام: هذا لا يصلح؛ لأنه قد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الطعام حتى يستوفى، فيقول الذي عليه الطعام لغريمه: فبعني طعاماً إلى أجل حتى أقضيكه فهذا لا يصلح؛ لأنه إنما يعطيه طعاماً ثم يرده إليه فيصير الذهب الذي أعطاه ثمن الطعام الذي كان له عليه, ويصير الطعام الذي أعطاه محللاً فيما بينهما, ويكون ذلك إذا فعلاه بيع الطعام قبل أن يستوفى.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: في رجل له على رجل طعام ابتاعه منه ولغريمه على رجل طعام مثل ذلك الطعام فقال الذي عليه الطعام لغريمه: أحيلك على غريم لي عليه مثل الطعام الذي لك علي بطعامك الذي لك علي.
قال مالك: إن كان الذي عليه الطعام إنما هو طعام ابتاعه فأراد أن يحيل غريمه بطعام ابتاعه فإن ذلك لا يصلح، وذلك بيع الطعام قبل أن يستوفى، فإن كان الطعام سلفاً حالاً فلا بأس أن يحيل به غريمه؛ لأن ذلك ليس ببيع، ولا يحل بيع الطعام قبل أن يستوفى لنهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، غير أن أهل العلم قد اجتمعوا على أنه لا بأس بالشرك والتولية والإقالة في الطعام وغيره.