للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شرح: الموطأ – كتاب الزكاة (٧)

باب زكاة ما يخرص من ثمار النخيل والأعناب- باب زكاة الحبوب والزيتون-باب ما لا زكاة فيه من الثمار

الشيخ: عبد الكريم الخضير

ابن عبد البر -رحمه الله تعالى- قال: يحتمل أن الرجل منع من دفعها إلى العامل، وتولى دفعها بنفسه إلى الفقراء، فقال: دعه، يعني يفرقها على نظره، هذا احتمال أورده ابن عبد البر، أن الرجل منعها من العامل دون منعها من أهلها، ولم يكن ممن يمنع الزكاة، يعني عرف من حاله أنه صاحب ديانة، ولا يتصور منه أن يمنع الزكاة، مع أنه صاحب تحري، فتفرس فيه أنه لا يخالف جماعة المسلمين الدافعين لها، فكان الأمر كما كان، كما ظن، وكما توقع، يعني كان يدفعها بنفسه، ثم دفعها إلى العامل؛ لأنه شق عليه أن يقال: اتركوه، وأن ينفرد بهذا عن المسلمين، لكن الاحتمال الثاني هو ما ذكروه، لكن كأنه أظهر، أنه قال: دعوه، تعزيراً له، تعزيراً له اتركوه، إذا مريتم بأمواله اتركوه، مروا على المسلمين واتركوه، وتوقع عمر بن عبد العزيز أن مثل هذا التعزير يكفيه؛ لأن بعض الناس يكفيه أدنى تعزير فينزجر، يعني سهل على النفس أنه يأتي إليه العامل ويعتذر منه، والله أموالنا إلى الآن ما بعد حال عليها الحول، أو ما بلغت النصاب، انصرفوا المقصود، نعم، أو يكذب عليه سهل، يقول: إني والله دفعت الزكاة، يوجد هذا في المسلمين، لكن يصعب على نفس المسلم أن يمر العامل والساعي على جميع الناس، وهو يراه يتركه ولا يكلمه، هذا صعب جداً؛ لأنه يتوقع أنه ما ترك إلا لأمر أعظم من مسألة منع الزكاة، وبذلك لما اشتد عليه أدى بعد ذلك الزكاة.

أقول: يحتمل أنه قال ذلك تعزيراً له؛ لظنه أن ذلك يردعه فكان كما ظن، ولذلك أسلوب الخبر، فكتب إليه عمر أن دعه ولا تأخذ منه زكاة مع المسلمين، العبارة: "دعه ولا تأخذ منه زكاة مع المسلمين" يعني كأنه عمله مخالف لعمل المسلمين فاتركه، فبلغ ذلك الرجل، فاشتد عليه ذلك الأمر كونه يخرج من الوصف مع المسلمين، فشق عليه هذا فبادر إلى دفعها، فكتب إليه عمر أن خذها منه، ما دام دفعها خذها منه.