للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح: الموطأ - كتاب الطهارة (٩)

الشيخ: عبد الكريم الخضير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

يقول: إنه لم يفهم استنباط ابن دقيق العيد من حديث عائشة، وأنها كانت ترجل رأس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في حجرها، وهو يقرأ القرآن وهي حائض؟

كأن قوله: وهي حائض لولا أن الحائض ممنوعة من قراءة القرآن على حسب فهم ابن دقيق العيد، ويش الفائدة من التنصيص؟ لتستدل أن الحائض مع كونها لا تقرأ القرآن لا تمنع من لمس والقرب ممن يقرأ القرآن، هذا فهمه -رحمه الله-، وهو فهم له وجه.

يقول: آمل إعادة أقوال العلماء في القليل من الماء إذا أصابته نجاسة وقول مالك على وجه الخصوص؟

الماء لا يخلو إما أن يكون قليلاً أو كثيراً، فالقليل ما لم يبلغ القلتين على قول، أو ما لا يتحرك طرفه إذا حرك الطرف الآخر، أو الغدير الذي لا يبلغ عشرة في عشرة، وكل على مذهبه في الحد الفاصل بين القلة والكثرة، عند من يقول بالتفريق بين القليل والكثير، وهم الجمهور، الإمام مالك -رحمه الله- يرى أنه لا فرق بين القليل والكثير، وأن المرد بذلك هو تغير الماء، فإن تغير بالنجاسة فهو نجس، وإن لم يتغير فهو طاهر، قل أو كثر.

الجمهور يقولون: إذا زاد عن القلتين -وهذا مذهب الحنابلة والشافعية- ولم يتغير فهو طاهر، وإن تغير فهو نجس بالإجماع، تغير بالنجاسة، ولو كثر، أما إذا قل وصار قليلاً دون القلتين فبمجرد ملاقاة النجاسة ينجس، ولو لم يتغير عند الحنابلة والشافعية والحنفية أيضاً.

رأي مالك لا ينجس إلا بالتغير قل أو كثر، وهذا الرأي هو الموافق ليسر الشريعة، نعم استدل الجمهور بأدلة من أبرزها حديث: ((إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث)) على القول بتصحيحه والكلام فيه كثير، والقول باضطرابه سنداً ومتناً أيضاً معروف عند أهل العلم، ومن أهل العلم من يصححه كشيخ الإسلام ابن تيمية، ويوافق مالك على أنه لا ينجس إلا المتغير، فيعمل بمنطوقه، ويلغي مفهومه المعارض لحديث أبي سعيد أن ((الماء طهور لا ينجسه شيء)).