للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: "حدثني مالك أنه بلغه أن أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم إذا كثر الخبث)) " الحديث في البخاري من حديث زينب بنت جحش، وهذا أنزل حديث في صحيح البخاري، يعني تساعي الحديث، وما عنده تساعي إلا هذا الحديث، والحديث فيه طول عند البخاري: ((ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح من ردم يأجوج ومأجوج ... )) إلى أن قالت: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: ((نعم إذا كثر الخبث)).

يعني رأينا ما يسر -ولله الحمد- من إقبال الناس على الالتزام، وكثرة طلاب العلم، وطلب العلم على الجادة، العناية بالكتاب والسنة، وكثرة أهل الاستقامة والخير والفضل، يعني في صفوف جميع الفئات من الكبار والصغار رجال ونساء، هذا شيء لا شك أنه يسر، هذا شيء يشرح النفس، لكن إذا نظرنا في المقابل أسواق المسلمين تعج بالمنكرات، فكثر الخبث، فيخشى من مثل هذا نعم إذا كثر الخبث، ولو كثر الصالحون، إلا إذا وجد من يرفع التبعة عن البقية ممن يأمر وينهى ممن يحصل به سقوط فرض الكفاية.

قال: "وحدثني مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم أنه سمع عمر بن عبد العزيز يقول: "كان يقال: إن الله -تبارك وتعالى- لا يعذب العامة بذنب الخاصة" يعني إذا كانت الخاصة في بيوتهم يفعلون المنكرات الله -جل وعلا- لا يعذب العامة بسببهم، لكن إذا عُمل المنكر جهاراً استحقوا العقوبة كلهم؛ لأنهم مذنبون كلهم، هذا مذنب بمباشرة المنكر، وذاك مذنب بترك الإنكار، فيستحقون حينئذٍ العذاب، نعم.

أحسن الله إليك.

[باب: ما جاء في التقى]

حدثني عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: سمعت عمر بن الخطاب وخرجت معه حتى دخل حائطاً فسمعته وهو يقول وبيني وبينه جدار وهو في جوف الحائط: عمر بن الخطاب أمير المؤمنين بخ بخ، والله لتتقين الله أو ليعذبنك.

قال مالك -رحمه الله-: وبلغني أن القاسم بن محمد كان يقول: أدركت الناس وما يعجبون بالقول.

قال مالك: يريد بذلك العمل إنما ينظر إلى عمله، ولا ينظر إلى قوله.

يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في التقى