للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي جميع هذه الروايات أن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعةٍ ركوعان، هذا ما اتفق عليه الشيخان، وجاء في صحيح مسلم ثلاث ركوعات، وجاء أربعة، وجاء ما يدل على أنها خمسة في كل ركعة، وأهل العلم يختلفون في كيفية التوفيق بين هذه الروايات، ومنهم من يرى أن الصواب ما اتفق عليه الشيخان، وما عدا ذلك وهم، ومنهم من يصحح الجميع ويقول: بتعدد القصة، وهذا مسلك من يجبن عن توهين رجال الصحيح، وعلى كل حال الجبن في هذا الموضوع محمود، لكن يبقى أن شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- أقسم أو ذكر أن الكسوف لم يحصل إلا مرة، وأن إبراهيم لم يمت إلا مرة واحدة.

وعلى كل حال هما مسلكان في مثل هذا الاختلاف، منهم من يجزم ويحكم للأصح بأنه هو المحفوظ، وما يقابله يحكم عليه بالشذوذ ولو صح سنده، ولو وجد في الصحيح، ومنهم من يقول بتعدد القصة، وعلى كل حال أهل السير متفقون على أنها لم تحصل إلا مرة واحدة.

[باب: ما جاء في صلاة الكسوف:]

"حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما- أنها قالت: أتيت عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- حين خسفت الشمس، فإذا الناس قيام يصلون، وإذا هي قائمة تصلي، فقلت: ما للناس؟ فأشارت بيدها نحو السماء، وقالت: سبحان الله، فقلت: آية؟ فأشارت برأسها: أن نعم، قالت: فقمت حتى تجلاني الغشي، وجعلت أصب فوق رأسي الماء، فحمد الله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأثنى عليه، ثم قال: ((ما من شيء كنت لم أره إلا قد رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار، ولقد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور مثل أو قريباً من فتنة الدجال -لا أدري أيتهما قالت أسماء- يؤتى أحدكم فيقال له: ما علمك بهذا الرجل؟ فأما المؤمن أو الموقن -لا أدري أي ذلك قالت أسماء- فيقول: هو محمد رسول الله، جاءنا بالبينات والهدى، فأجبنا وآمنا واتبعنا، فيقال له: نم صالحاً، قد علمنا إن كنت لمؤمناً، وأما المنافق أو المرتاب -لا أدري أيتهما قالت أسماء- فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته)) ".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في صلاة الكسوف" يعني غير ما تقدم.