"قال مالك، وقد سألت عن ذلك غير واحد من أهل العلم فلم يروا به بأساً" فوافقوا الإمام مالك على اجتهاده, والإمام مالك موافق لما ذكر من الفقهاء الأربعة, فالمسألة متداولة بينهم في بلدهم, لكن ماذا عن حكم المسألة عند غيرهم؟ يجوز وإلا ما يجوز؟ يعني شخص باع على زيد تمر بدراهم، واستقر الثمن بذمته, ألف ريال استقرت بذمة عمرو، ثم بعد ذلك وجد عنده طعام هو محتاج إليه فاشترى بالثمن المذكور، فاشترى بالثمن الذي في ذمته هذا الطعام الذي يحتاجه, نظير ذلك لو أن شخصاً عنده ذهب فذهب به إلى أصحاب الذهب والمجوهرات, هو لا يريد أن يبيعه, يريد أن يبدله بذهب جديد, قال صاحب المحل: أنا لا أبدلك؛ لأني لا أرضى أن أبدله إياك بوزنه, واللي عندك مستعمل وأنا عندي جديد, وإذا أبدلته بأقل منه دخلنا في الربا, لكن أشتريه منك, يشتريه منه, وليكن الجرام بأربعين ريال شراء, وأبيع عليك الجديد الجرام بخمسين, ماشي وإلا ما هو بماشي؟ لكن هل يصلح أن يقول: خذ اشتر مني الجرام بأربعين, وهذه خمسين جرام بألفين ريال أشتري منك أربعين جرام من خمسين بألفين ريال، والقيمة هي التي عندك أو لا بد أن يقبض؟ لا بد أن يقبض, وهذا نظير الصورة التي معنا, لا بد أن يقبض، نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
[باب: السلفة في الطعام]
حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أنه قال: لا بأس أن يسلف الرجل الرجل في الطعام الموصوف بسعر معلوم إلى أجل مسمى, ما لم يكن في زرع لم يبد صلاحه, أو تمر لم يبد صالحه.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا فيمن سلف في طعام بسعر معلوم إلى أجل مسمى, فحل الأجل فلم يجد المبتاع عند البائع وفاءاً مما ابتاع منه فأقاله فإنه لا ينبغي له أن يأخذ منه إلا ورقه أو ذهبه، أو الثمن الذي دفع إليه بعينه, فإنه لا يشتري منه بذلك الثمن شيئاً حتى يقبضه منه, وذلك أنه إذا أخذ غير الثمن الذي دفع إليه، أو صرفه في سلعة غير الطعام الذي ابتاع منه فهو بيع الطعام قبل أن يستوفى.
قال مالك: وقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الطعام قبل أن يستوفى.