للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما يجب في العمد]

عرفنا سابقاً أن القتل ثلاثة أنواع، عمد وشبه عمد وخطأ، وأن الإمام مالك عنده العمد والخطأ، وشبه العمد يدخل في العمد، وهو في الحقيقة عمد؛ لأنه قاصد للضرر، لكنه قاصد للضرر بما لا يقتل غالباً، فبالنظر إلى الآلة الآلة لا تقتل، عصا صغيرة ضربه بها فمات، هذا شبه عمد عند الجمهور، لكنه قاصد للضرر عند مالك فدخل في العمد.

وهنا يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عمر بن حسين مولى عائشة بنت قدامة أن عبد الملك بن مروان أقاد ولي رجل من رجل قتله بعصا، فقتله وليه بعصا" يعني مماثلة، قتله بعصا، هل المراد به ضربه مرة واحدة بعصا فمات، والعصا مما لا يقتل فيكون مؤيداً لقول مالك؟ أو أنه قتله بعصا غليظة تقتل غالباً إذا ضربه من بعض المواضع؟ أو أنه كرر عليه الضرب بهذا العصا حتى مات؟ فيكون بالفعل عمد حتى عند الأكثر، حتى عند الجمهور إذا كرر عليه الضرب بآلة لا تقتل بمرة واحدة، فإنه يكون عمد، فقتله وليه بعصا، وعلى كل حال يمكن حمله على وجه يصح عند الجمهور، إذا كرر الضرب حتى مات، أو تكون العصا غليظة بحيث تقتل غالباً، وأما عند مالك فلا إشكال أنه لو ضربه بعصا لا تقتل غالباً فمات فإن هذا عمد، ويحصل أحياناً أن تكون المنية دنت والآلة لا تقتل، كما حصل لمعلم ضرب طالباً بالقلم مع أصابعه فمات، هل هذا نستطيع أن نقول: إنه عمد؟ هل تعمد قتله؟ ضربه، هو تعمد الضرر، لكن ما تعمد الموت، هذا شبه عمد عند الجمهور؛ لأن الآلة لا تقتل غالباً.