"قال مالك: الأمر عندنا في الرجل يشتري السلعة من الرجل فيختلفان في الثمن" هذا يقول بأربعين، وهذا يقول بخمسين، البائع يقول: بخمسين، والمشتري يقول: لا بأربعين "فيختلفان في الثمن فيقول البائع: بعتكها بعشرة دنانير، ويقول المبتاع: ابتعتها منك بخمسة دنانير أنه يقال للبائع: إن شئت فأعطها للمشتري بما قال" أعطها بخمسة "وإن شئت فاحلف بالله ما بعت سلعتك إلا بما قلت" يعني بعشرة، فإن حلف قيل للمشتري: إما أن تأخذ السلعة بما قال البائع بعشرة، وإما أن تحلف بالله ما اشتريتها إلا بما قلت "فإن حلف برئ منها، وذلك أن كل واحد منهما مدعي على صاحبه" وفي الوقت نفسه مدعاً عليه، فإن أحضر أحدهما البينة انتهى، إن كان البائع أحضر بينة، وأنه ما باعها إلا بعشرة انتهى ما نحتاج إلى يمين، وإن أحضر المشتري بينة أنه ما اشتراها إلا بخمسة انتهت المسألة، كل منهما له وجه في الإدعاء والدعوى، نعم.
أحسن الله إليك.
[باب: ما جاء في الربا في الدين]
حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن بسر بن سعيد عن عبيد أبي صالح مولى السفاح أنه قال: بعت بزاً لي من أهل دار نخلة إلى أجل، ثم أردت الخروج إلى الكوفة، فعرضوا علي أن أضع عنهم بعض الثمن وينقدوني، فسألت عن ذلك زيد بن ثابت -رضي الله تعالى عنه- فقال: فلا آمرك أن تأكل هذا ولا توكله.
وحدثني مالك عن عثمان بن حفص بن خلدة عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أنه سئل عن الرجل يكون له الدين على الرجل إلى أجل فيضع عنه صاحب الحق، ويعجله الآخر، فكره ذلك عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- ونهى عنه.
وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم أنه قال: كان الربا في الجاهلية أن يكون للرجل على الرجل حق إلى أجل، فإذا حل الأجل قال: أتقضي أم تربي؟ فإن قضاه أخذ وإلا زاده في حقه، وأخر عنه في الأجل.
قال مالك -رحمه الله-: والأمر المكروه الذي لا اختلاف فيه عندنا أن يكون للرجل على الرجل الدين إلى أجل، فيضع عنه الطالب ويعجله المطلوب، وذلك عندنا بمنزلة الذي يؤخر دينه بعد محله عن غريمه ويزيده الغريم في حقه، قال: فهذا الربا في عينه لا شك فيه.