نأتي إلى مسألتنا، على كل حال جاء عن بعض السلف، جاء عن بعض السلف صلاة الجمعة قبل الزوال، لكنه معارض بما جاء عن من هو أكثر وأجل منه أنهم صلوها ولم يصلوها قبل الزوال، صلوها بعده ولم يثبت عن أحداً منهم أنه -من الكبار- أنه صلاها قبل الزوال، نعم ذكر عن بعضهم أنه صلاها قبل الزوال، جاء في الحديث:"أن هذا يوم جعله الله عيداً للمسلمين" هذا يوم -الجمعة- جعله الله عيداً للمسلمين، قالوا: ما دام عيد وصلاة الجمعة صلاة عيد يكون وقتها وقت صلاة العيد، لكن هل يعارض هذا مثل قول أنس:"كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي الجمعة حين تميل الشمس" يعني التشبيه، تشبيه هذا اليوم الذي هو يوم الجمعة بالعيد هل يقتضي المشابهة من كل وجه؟ يعني هل لو قلنا مثلاً: يجوز صوم يوم العيد إذا صام يوماً قبله أو بعده مثل الجمعة يمكن أن يقال هذا؟ لا يمكن، والتشبيه من وجه لا يقتضي التشبيه من جميع الوجوه، فكون يوم الجمعة يوم عيد للمسلمين لا يعني أن صلاة الجمعة تصلى مثل صلاة العيد، فالمرجح في هذه المسألة هو قول الجمهور، وهو أن صلاة الجمعة لا تصح إلا بعد الزوال.
يقول:"فإذا غشي الطنفسة كلها ظل الجدار خرج عمر بن الخطاب وصلى الجمعة، قال مالك" والد أبي سهيل جد الإمام مالك: "ثم نرجع بعد صلاة الجمعة فنقيل قائلة الضحاء" الضحاء: يعني نقيل القائلة، نستريح الراحة، نرتاح الراحة التي كنا نقيلها في وقت الضحى؛ لأنه في يوم الجمعة لا يتمكنون من القيلولة؟ هم بصدد الاستعداد لصلاة الجمعة، وهم مأمورون بالتبكير لصلاة الجمعة، فيقيلون القائلة التي كانوا يقيلونها في الضحاء يقيلونها بعد صلاة الجمعة؛ لأنهم لا يتمكنون من القيلولة قبل صلاة الجمعة، نعم الحديث الذي يليه.
[شرح حديث:"عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن ابن أبي سليط أن عثمان بن عفان صلى الجمعة بالمدينة، وصلى العصر بملل، قال مالك: "وذلك للتهجير وسرعة السير".]
أحسن الله إليك:
"عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن ابن أبي سليط أن عثمان بن عفان صلى الجمعة بالمدينة، وصلى العصر بملل، قال مالك:"وذلك للتهجير وسرعة السير".