"مولى آل زيد بن الخطاب" أخي عمر -رضي الله عنه- "أنه قال: سمعت أبا هريرة يقول: "أقبلت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسمع رجلاً يقرأ قل هو الله أحد" يعني السورة بتمامها، "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((وجبت)) فسألته ماذا يا رسول الله؟ يعني ماذا أردت بقولك:((وجبت))؟ "فقال: ((الجنة))، فقال أبو هريرة: "فأردت أن أذهب إليه فأبشره" بهذه البشارة العظيمة، "ثم فرقت –خفت- أن يفوتني الغداء مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فآثرت الغداء" زعم ابن وضاح أن المراد بالغداء صلاة الغداة، كأنه ينزه أبا هريرة من أن يؤثر الغداء على بشارة أخيه بما يسره، كأنه يربأ بأبي هريرة من إيثار الغداء الذي هو الطعام على بشارة أخيه بما يسره، يقول: "فآثرت الغداء" لكن لا يعرف في كلام العرب إطلاق الغداء على صلاة الغداة، وإنما الغداء هو ما يؤكل بالغداة، وكان أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- قد لزم النبي -صلى الله عليه وسلم- على شبع بطنه، على شبع بطنه، لكن هذا مما يمدح به أو يذم؟ مما يمدح به، مما يمدح به -رضي الله عنه وأرضاه-، حيث تفرغ، تفرغ من كل شيء من أمور الدنيا، إلا ما يقيم صلبه، تفرغ للآخرة، تفرغ لحمل الدين والعلم، حافظ الأمة على الإطلاق، والذي يجد في نفسه شيء من هذا الرجل بعد دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن يحببه الله إلى الناس ويحبب الناس إليه، هذا على خطر، وثبت أن شخصاً في مجلس قدح في أبي هريرة فنزلت حية من السقف فلسعته فمات، فمات، -رضي الله عنه وأرضاه-، هذه قصة ثابتة ما فيها إشكال، يرويها الثقات فهي ثابتة، معروفة عند أهل العلم، وتذكر في مناقبه، لزم النبي -عليه الصلاة والسلام- على شبع بطنه فقط، يكفيه ما يقيم صلبه، لم ينشغل بحطام الدنيا وجمعها، وقد ذكر عن نفسه هذا، وأما إخوانه من الأنصار وإخوانه من المهاجرين انشغلوا بأمور الدنيا، ألهاهم الشغل في أعمالهم من الحرث والصفق في الأسواق، أما هو -رضي الله عنه وأرضاه- تفرغ لحفظ الدين؛ لأنه لو فاته الغداء، احتاج، احتاج إلى أحد أمرين: إما أن ينشغل بطلبه فيفوته ما يفوته من العلم، أو يتكفف الناس ويسأل، فآثر هذا، والله المستعان، يقول: "فآثرت الغداء مع