للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

-وأيضاً يوافقهم عليه غيرهم- مرجحهم أن العموم المحفوظ أقوى من العموم الذي دخله الخصوص، والذي دخل عموم أحاديث النهي من المخصصات أكثر مما دخل عموم ذوات الأسباب، ويزاد العموم ضعفاً بكثرة المخصصات، ويدعون أن عموم ذوات الأسباب محفوظ، وأما عموم أحاديث النهي فمخصوص، مخصوص بالفرائص نعم أداءً وقضاء، مخصوص بإيش؟ براتبة الصبح، قضاءً، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قضى راتبة العصر بعدها، مخصوص بصلاة الجنازة وهي صلاة، مخصوص بأمور كثيرة فعمومه أضعف من عموم ذوات الأسباب، وبهذا يرجحون، وتبقى المسألة مشكلة، تبقى المسألة ما انحلت، لكن الإنسان لا بد أن يرجح قول، لا بد أن يرجح قول ليعمل به، إذا استغلق عليه الأمر واستوت من كل وجه يتوقف، يتوقف.

هذه حجج الفريقين، وهذه دعواهم، ونظرهم إلى هذه الحجج والنصوص، لكن الذي يظهر أن الأوقات الموسعة الأمر فيها أخف، فلا مانع أن تصلى ذوات الأسباب في أوقات موسعة، أما الأوقات المضيقة التي جاء فيها أكثر مما جاء في غيرها، ونهي فيها عن الصلاة وعن غير الصلاة، لا شك أن النهي فيها أقوى من النهي عن الصلاة في الوقتين الموسعين.

فالذي يظهر لي أن في الوقتين الموسعين الأمر فيه سعة، يعني لو صلى الإنسان تحية المسجد بعد صلاة الصبح، أو بعد صلاة العصر لا بأس، لكن في الأوقات الثلاثة المضيقة فلا؛ لأنه جاء فيها من التشديد ما لم يرد في الوقتين الموسعين، والمخصصات التي جاءت أكثرها في الأوقات الموسعة، هم يقولون: القضاء يحكي الأداء، القضاء يحكي الأداء، والأداء فعله في البيت أفضل، إذاً قضاؤها في البيت أفضل، لكن يبقى أن من جلس إلى أن تنتشر الشمس، وأراد أن يصلي ركعتين قبل الانصراف على الحديث المختلف فيه، هل يصليها .. ؟ يصلي الركعتين قبل قضاء راتبة الصبح أو يبدأ بقضاء راتبة الصبح ثم يصلي الركعتين؟ على كل حال الأمر في الوقتين الموسعين واسع، يعني من جلس لا إشكال فيه -إن شاء الله تعالى-، ومن صلى على حسب ما يترجح له، لا ينكر عليه.