هذا الكلام ليس بصحيح، قد يكون الأثر المترتب على الخوف الأثر المرئي هو في التابعين أكثر، يتجلى مثل هذا في كون بعض التابعين لا يحس بمن حوله وهو يصلي، وفي كون بعض التابعين يغمى عليه ويصعق عند سماع القرآن وقد يموت وهذا لا يوجد في الصحابة، إن كان المراد به هذا فنعم موجود في التابعين ومن بعدهم من خيار الأمة، النبي -عليه الصلاة والسلام- أنزل عليه القرآن وأخبر أنه قول ثقيل، لا يتحمل أي قلب، هو قول ثقيل، لكن إذا نزل هذا القول الثقيل على قلوب كاملة قوية تتحمل هذا القول الثقيل تأثرت به من غير أن يعتريها نقص؛ لأن الغشي نقص فتتأثر به التأثر التام من غير أن يعتريها نقص، فهي تستشعر عظمة هذا الكلام، وتحتمل هذا الكلام العظيم لقوتها؛ لما جعل الله فيها من القوة والتحمل، وإلا أخشى الناس وأتقاهم لله النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم بعد ذلك صحابته الكرام، انتهى الجيل الأول من الصحابة أصحاب القلوب القوية العظيمة التي تتحمل هذا الكلام العظيم وتستشعر عظمته، جاء الجيل الذي يليهم وقد ورثوا عن الجيل الأول تعظيم شعائر الله، وتعظيم كلام الله، واستشعار عظمة كلام الله، لكن القلوب ضعفت، فإذا نزل هذا القول الثقيل العظيم على قلوب ضعيفة مع استشعار العظمة لا بد من أن تتأثر، فيعتريها ما يعتريها من نقص بسبب هذا التأثر، ثم استمر الأمر على هذا في القرون المفضلة، ثم خلفهم خلوف قلوب ضعيفة، لكن مع عدم استشعار عظمة هذا الكلام فصار لا يؤثر فيها، وإلا فمن من الناس اليوم يتأثر بسورة هود؟ ما في أحد إلا القليل النادر، ولقد عهدنا الناس في ليلة الثاني عشر والثالث عشر من رمضان حينما تقرأ هذه السورة ترتج المساجد من البكاء، يستشعرون، ومنهم من يحصل له شيء من النقص لاستشعار عظمة القرآن، من من الناس اليوم يستشعر عظمة قوله –جل وعلا-: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} [(٨) سورة المدثر]؟ هي لا تحرك شعرة في أي مسلم الآن إلا من رحم الله، يبدأ القارئ في السورة وينتهي ما كأنه يقرأ، وليس هذا قوة في القلوب لا أبداً، القلوب أضعف مما هي عليه في عصر التابعين، لكن مع ضعف هذه القلوب عدم استشعار عظمة هذا الكلام، وإلا لو نزلت بالمرء أدنى مصيبة