يقول:"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه" هذا وصله ابن سعد من طريق حماد بن سلمة عن هشام عن أبيه "عن عائشة أنه قال: كان في المدينة رجلان أحدهم يلحد" وهو أبو طلحة زيد بن سهل "والأخر لا يلحد" وهو أبو عبيدة عامر بن الجراح، وكل على ما عهد عليه الأمر في بلده، الأنصار يلحدون، أهل المدينة يلحدون، وأهل مكة لا يلحدون "والأخر لا يلحد -وهو أبو عبيدة- فقالوا: أيهما جاء أولُ" ممنوع من الصرف للوصف ووزن أفعل، ويجوز صرفه ونصبه على الظرفية أولاً "أيهما جاء أول عمل عمله" فإن جاء أبو طلحة لحد له -عليه الصلاة والسلام-، وإن جاء أبو عبيدة لم يلحد له -عليه الصلاة والسلام-، "فجاء الذي يلحد أول" أبو طلحة "فلحد لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-" ولا شك أن الحد أفضل لحديث سعد عند مسلم: "ألحدوا لي لحداً، وانصبوا عليّ اللبن نصباً كما فعل برسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني ما كان الله ليختار لنبيه إلا الأفضل.
روى أبو داود وغيره عن ابن عباس مرفوعاً:((اللحد لنا، والشق لغيرنا)) لكن المراد بغيرنا كما قال الزين العراقي: أهل الكتاب، والحديث فيه ضعف، وعلى تقدير ثبوته ليس فيه نهي عن الشق، إنما فيه تفضيل الحد والإجماع على جواز الأمرين، وإن كان اللحد أفضل، لكن قد لا يتسنى اللحد، تكون الأرض رخوة لا يمكن لحدها وحينئذٍ يعدل عن ذلك إلى الشق.