للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"ولقي عليها أسفاً" يعني تلهفاً "حتى خلا في بيت" اعتزل الناس قفل على نفسه ببيته "حتى خلا في بيت، وغلق على نفسه" قفل على نفسه الباب "واحتجب من الناس" وهذه عادة الحزين ينزوي عن الناس، الحزين الكئيب بخلاف الفرح الذي يؤد ويرغب أن يعرف الناس كلهم أنه فرح ومبسوط، فهذا أغلق على نفسه الباب، واحتجب من الناس "فلم يكن يدخل عليه أحد -لما غلبه من شدة الحزن- وإن امرأة سمعت به فجاءته، فقالت: إن لي إليه حاجة استفتيه" يعني أطلب فتياه لأنه عالم، وليس للفتيا إلا العلماء "فيها، ليس يجزيني" يغنيني "فيها إلا مشافهته" يعني ما يكفي كل أحد، إلا مشافهته يعني خطابه، مشافهة دون واسطة، وهذا شيء موجود إلى الآن، إذا صار للإنسان مسألة ما يسأل عنها أي شخص لا سيما عند عامة الناس إذا أعجبوا بشخص لا يقنعون بمن دونه، تجد المسألة من البداهيات يعرفها أحد طلاب العلم، يقول: لا إلا الشيخ فلان، فيحتمه العامة ومسائلهم سهلة يمشيها أدنى واحد، لكن لا يقنعهم غير هذا العالم الذي مليء عوينهم وقلوبهم "ليس يجزيني فيها إلا مشافهته، فذهب الناس ولزمت بابه" أصرت "وقالت: ما لي منه بد" ليس لها منه مفر ولا محيد "فقال لي قائل: إنه هاهنا امرأة أرادت أن تستفتيك، وقالت: إن أردت إلا مشافهته" يعني هذا نافية (إن) يعني ما أردت إلا مشافهته {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ} [(١٥٩) سورة النساء] هذه نافية " إن أردت إلا مشافهته، وقد ذهب الناس وهي لا تفارق الباب، فقال: اذنوا لها فدخلت عليه، فقالت: إني جئتك أستفتيك في أمري، قال: وما هو؟ قالت: إني استعرت من جارة لي حلي" الحلي والحلية ما يلبسه النساء يتجملن به {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} [(١٨) سورة الزخرف] فالتحلي من خصائص النساء، فالتحلي والتزين والتجمل والمبالغة فيه هذا من خصائص النساء "إني استعرت من جارة لي .. " تقول: "حَلْياً" والحَلي إيش؟ هو الحُلي "فكنت ألبسه وأعيره زماناً" يعني كأنها ملكته، والعرية إذا طالت مدتها قد ينسأ أنها عرية، فيستعملها الإنسان على أنها ملكه ينسأ سبب وصولها إليه، وهذا يقع كثيراً في الكتب، يستعير الإنسان كتاب على أنه يستفيد منه فيضعه