"حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن عباد بن عبد الله بن الزبير -بن العوام- أن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرته أنها سمعت -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يموت وهو مستند إلى صدرها" لأنه -عليه الصلاة والسلام- استأذن نساءه أن يمرض في بيت عائشة "وأصغت إليه" أمالت سمعها، فإذا به يقول -عليه الصلاة والسلام- في آخر ما نطق به:((اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى)) مشروعية الدعاء حتى في آخر لحظة، فإذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- أفضل الخلق وأشرف الخلق وأكمل الخلق غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يقول هذا عند موته ((اللهم اغفر لي وارحمني)) فكيف بالصحيح الشحيح المحمل من الذنوب والآثام والمعاصي والجرائم؟! لا شك أن هذا في حقه آكد، في البخاري: فجعل يقول: ((في الرفيق الأعلى)) حتى قبض ومالت يده -عليه الصلاة والسلام-، ولأحمد فقال:((بالرفيق الأعلى مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين)) إلى قوله: {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [(٦٩) سورة النساء] فعلى هذا يكون المراد بالرفيق من ذكر في الآية: {مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [(٦٩) سورة النساء] هذا قول الأكثر، يقول الحافظ ابن حجر: وهذا المعتمد، قال بعض المغاربة: يحتمل أن يراد بالرفيق الأعلى الله –عز وجل-؛ لأن من أسمائه الرفيق، إذا كان المراد في قول الأكثر المراد بالرفيق هؤلاء كلهم {مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [(٦٩) سورة النساء] وقال -عليه الصلاة والسلام-: ((بالرفيق الأعلى)) ما قال: رفقاء، الرفيق واحد، وهؤلاء أربعة، أجناسهم أربعة، فضلاً عن أعدادهم، أولاً: رفيق صيغة إيش؟ فعال ومفعال وفعيل صيغة مبالغة تلزم حالة واحدة في الإفراد والجمع والتذكير والتأنيث {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ} [(٥٦) سورة الأعراف] فالرفيق يشمل الواحد والاثنين والذكر والأنثى كله رفيق هذا من جهة كما في قوله -جل وعلا-: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} [(٥٦) سورة الأعراف] ومنهم من قال في نكتة