"وحدثني عن مالك عن أبي النضر -سالم بن أبي أمية- مولى عمر بن عبيد الله -القرشي- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما مات عثمان بن مضعون" بن حبيب القرشي الجمحي "ومُر بجنازته عليه -عليه الصلاة والسلام-: ((ذهبت ولم تلبس منها بشيء)) " يعني مت ولم تتلبس من أمور الدنيا أو من أعراضها بشيء؛ لأن من تلبس منها بشيء لا بد أن يقع منه شيء، وفيه مدح الزهد في الدنيا، وذم الاستكثار منها، والثناء على المرء بما فيه، قد يقول قائل: إن بعض الصحابة تلبس بشيء من الدنيا، من ولي الولايات، ابن عباس -رضي الله عنهما- كما في صحيح مسلم لما جاء السائل يسأل ابن عمر وجهه إلى ابن عباس قال: ذلك رجل مالت به الدنيا ومال بها، لكن لا يعني أنها من كل وجه، قد يكون ميلان الدينا به شيء لا يذكر في جانب الحسنات، لا شك أن الزهد هو المطلوب وهو الأولى، لكن {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [(٣٢) سورة الأعراف] من أراد أن يستعمل المباحات له ذلك {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} [(٢٩) سورة البقرة] لكن لا يمنع أن يكون الزهد أكمل، لأن الإنسان لا يضمن نفسه.
هذا الحديث كما ترون عن أبي النضر أنه قال: قال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد وصله ابن عبد البر عن عائشة من طريق يحيى بن سعيد عن القاسم عن عائشة.