يقول:"وحدثني عن مالك عن نافع أن أبا هريرة قال: أسرعوا" بقطع الهمز "بجنائزكم" يعني أسرعوا يحتمل أن يكون المشي بها لدفنها، فيمشى بها فوق المشي المعتاد بحيث لا يشق على المشيعين فهذا احتمال، ويحتمل أيضاً أن يكون الإسراع بها بجميع ما يتعلق بها من الإسراع في تجهيزها، يعني المبادرة بها، وقد جاء الأمر بذلك، تجهيزها والصلاة عليها، والمشي بها والدفن "أسرعوا بجنائزكم فإنما هو خير تقدمونه إليه" يعني تقدمون الميت إليه، أو تقدمونها الجنازة وهذا هو الأقرب والأقيس، لكن الخبر صحيح بهذا، فالمراد تقدمونه يعني الميت "إليه" أي إلى الخير "إن كانت صالحة، أو شر تضعونه عن رقابكم إن تكن سواء ذلك" يعيي غير صالحة، والأمر عند الجمهور يعني للاستحباب عند جماهير أهل العلم، ونقل الاتفاق عليه، وصرح ابن حزم بوجوبه، بوجوب الإسراع، الحديث يقول: إن أبا هريرة قال: أسرعوا، هذا لفظه لفظ الموقوف، وله حكم الرفع، وقد صرح برفعه، مرفوع في الصحيحين، مصرح برفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفي الحديث ندب المبادرة بدفن الميت، لكن بعد تحقق موته، لا يجوز الإسراع ولا المبادرة به إذا كان فيه أدنى احتمال لحياته، ويذكر بعض القصص والحوادث أنهم أسرعوا في تجهيز بعض الناس فرأوه يتحرك في كفنه، ومنهم من وجد في الثلاجة يتغير الوضع، فمثل هذا لا يجوز بحال أن يبادر بالحكم عليه بالموت حتى يقع اليقين بموته، يقول ابن حجر: وأما مثل المطعون والمفلوج والمسبوت -يعني المصاب بغشية- فينبغي ألا يسرع بدفنهم حتى يمضي يوم وليلة فيتحقق موتهم، نبه على ذلك بن بزينة، يعني لا شك أن بعض الأموات تكون موتته احتمال يعني يغلب على ظن الطبيب يأتي بالآلات ويقيس النبض، ويقيس ما يطلب قياسه فيحكم بذلك، لكن يتبين أن الأمر على خلاف ذلك، فمثل هذا إذا قام الاحتمال لا يجوز الإسراع بدفنه، الإسراع بتجهيزه، حددوا يوم وليلة لكن الشيخ ابن باز -رحمه الله- في تعليقه على فتح الباري يقول: التحديد باليوم والليلة فيه نظر، والأولى عدم التحديد، بل يرجع إلى العلامات الدالة على الموت، فمتى ما وجد منها ما يدل على يقين الموت اكتفي بذلك وإن لم يمض يوم وليلة، والله أعلم.