"حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن" يعني ابن عوف "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((في الركاز الخمس)) " الركاز: هو ما يعثر عليه مدفوناً من ذهب أو فضة على قول، وما يختص بهما، أو هو أعم من ذلك مما يتمول، وعند أهل العراق أن الركاز يشمل كل ما تحتويه الأرض من ثابت فيها، وطارئ عليها، فيدخل في ذلك المعادن التي سبق الحديث عنها، ولذا جعل أبو حنيفة والثوري المعادن حكمها حكم الركاز، فيؤخذ الخمس من المعادن ومن الركاز؛ لأنها يشملها المعنى العام، وهي وجودها في جوف الأرض، لكن الفرق بين المعادن والركاز ظاهر، والتفريق بينهما هو قول الجمهور؛ لأن الركاز شيء مدفون طارئ يدفن جملة، ويؤخذ جملة، مال يوضع في وعاء أو إناء ويدفن، الناس ما كان عندهم أماكن مأمونة يضعون فيها أموالهم، بل كل يضع ماله في بيته، إما في الأرض يحفر له ويدفنه، وهذا موجود إلى وقت قريب، وأحياناً يودعون الأموال في الجدران، إذا بنو الجدار يضعون ما عندهم من مال، ويوضع عليه من الطين ما هو بمنزلة التليس، الظاهر أنكم ما تدرون عن هذا، نعم؟
المقصود أنه في حال الهدم -هدم البيوت القديمة- يوجد من هذا الشيء الكثير، والنقود لا تتأثر؛ لأنها من الذهب والفضة والنحاس وسائر المعادن، لا تتأثر، فتوضع إما بين اللبن، أو بين اللبن واللياسة التي يسمونها لياكة، فالركاز غالباً ما يكون طارئ، لكنه إن كان من دفن المسلمين له حكم، وإن كان من دفن الكفار فله حكمه.
"عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((وفي الركاز الخمس)) " ولا شك أن الفرق بين الركاز والمعادن ظاهر، ويدل له العطف في الحديث:((والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس)) فدل على أن الركاز غير المعدن كما هو مقتضى قول الجمهور، وما يفيده هذا الحديث.
((في الركاز الخمس)) سواءً كان في دار الإسلام، أو في دار الحرب عند الجمهور، خلافاً للحسن البصري، قال: في دار الحرب ركاز، وفي دار الإسلام لقطة، وإذا كان في دار الإسلام وعليه علامات إسلامية فهو لقطة، وإن كان في دار حرب فهو ركاز، أو كانت عليه آثار مشركين فهو ركاز.