ذكره البيهقي في السنن الكبرى، وابن حجر في التلخيص، وزاد البيهقي فقال: وإن كان يبلغ ألف دينار، فقال جابر: كثير.
ومنها ما رواه البيهقي عن علي بن سليم قال: سألت أنس بن مالك عن الحلي، فقال: ليس فيه زكاة.
ومنها ما رواه البيهقي أيضاً عن أسماء بنت أبي بكر أنها كانت تحلى بناتها الذهب ولا تزكيه، نحواً من خمسين ألفاً.
وأما القياس فمن وجهين:
الأول: أن الحلي لما كان لمجرد الاستعمال لا للتجارة والتنمية ألحق بغيره من الأحجار النفيسة كاللؤلؤ والمرجان بجامع أن كلاً منها معد للاستعمال لا للتنمية، معد للاستعمال مثل أثاث البيت، مثل الدابة، مثل العبد الذي يحتاجه الإنسان، وليس على المسلم في فرسه ولا عبده صدقة؛ لأنه للقنية.
وقد أشار إلى هذا الإلحاق مالك -رحمه الله- في الموطأ بقوله: فأما التبر والحليّ المكسور الذي يريد أهله إصلاحه ولبسه فإنما هو بمنزلة المتاع الذي يكون عند أهله، فليس على أهله فيه زكاة، قال مالك: ليس في اللؤلؤ ولا في المسك والعنبر زكاة.
الثاني من وجهي القياس: هو النوع المعروف بقياس العكس، ثم أطال على هذا القياس، ومثل له، لكن من أوضح أمثلته: النبي -عليه الصلاة والسلام- لما قيل له: "أيأتي أحدنا شهوته وله فيها أجر؟! قال:((أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ )) .. الحديث، فإن النَّبي –عليه الصلاة والسلام- في هذا الحديث أثبت في الجماع المباح أجراً، وهو حكم عكس حكم الجماع الحرام؛ لأن فيه الوزر؛ لتعاكسهما في العلة.
يقول: ووجه هذا النوع من القياس في هذه المسألة التي نحن بصددها هو أن العروض لا تجب في عينها الزكاة، فإذا كانت للتجارة والنماء وجبت فيها الزكاة، عكس العين فإن الزكاة واجبة في عينها، فإذا صيغت حلياً مباحاً للاستعمال، وانقطع عنها قصد التنمية بالتجارة صارت لا زكاة فيها، فتعاكست أحكامهما لتعاكسهما في العلة، ومنع هذا النوع من القياس بعض الشافعية ... إلى آخره.
ولا يخفى أن القياس يعتضد به ما سبق من الحديث المرفوع، والآثار الثابتة عن بعض الصحابة، لما تقرر في الأصول من أن موافقة النص للقياس من المرجحات.