للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب قال: اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة".

فدل على أن أمير المؤمنين عمر -رضي الله تعالى عنه- يرى أن الزكاة تجب في مال الصبي ولو لم يبلغ، ولو لم يكلف، ومثله ما جاء عن عائشة.

يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه -القاسم بن محمد أحد الفقهاء السبعة- عن أبيه -القاسم بن محمد- أنه قال: كانت عائشة تليني" وهو ابن أخيها، محمد بن أبي بكر الصديق، تليه وتلي أخاً له يتيمين في حجرها، وكانت تلي أخواتهما على ما تقدم، ولا تخرج زكاة حليهما، حلي هؤلاء البنات، وتخرج زكاة أموال هؤلاء الصبية؛ لأنها كانت هي الولي عليهم بعد مقتل أبيهم بمصر في القصة المعروفة.

يقول: "فكانت تخرج من أموالنا الزكاة" فلولا وجوب الزكاة في مال الصبي لما ساغ لها هذا التصرف.

ثم قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تعطي أموال اليتامى الذين في حجرها من يتجر لهم فيها" هذه المسألة الأخرى، المسألة الأولى وهي وجوب الزكاة في مال الصبي، ومثله المجنون، جمهور أهل العلم على وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون، والحنفية لا يرون فيها الزكاة؛ لأنه غير مكلف، فكما أنه غير مطالب بالصلاة ولا بالصيام ولا بالحج قبل التكليف؛ لأنه قد رفع القلم عنه، كونه يؤمر بها من أجل التمرين هذا شيء، لكن الكلام على كتابة الحسنات والسيئات، القلم مرفوع عنه، فلا يطالب بالصلاة على سبيل الوجوب والإلزام، ولا الصيام ولا الحج، أبو حنيفة يقول: والزكاة كذلك، الجمهور يرون أن الزكاة واجبة في مال الصبي والمجنون؛ لعموم الأدلة، {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [(١٠٣) سورة التوبة] هذا يشمل الكبير والصغير؛ لأن المسألة تعلقها في المال، وفي حديث بعث معاذ إلى اليمن ((فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم)) والذي يملك المال غني، كبيراً كان أو صغيراً، عاقلاً كان أو مجنوناً، فعموم الأدلة يدل على وجوب الزكاة في أموال غير المكلفين.