"حدثني يحيى عن مالك أنه قال: إن الرجل إذا هلك" وهلك في الأصل تعني مات من غير زيادة {حَتَّى إِذَا هَلَكَ} [(٣٤) سورة غافر] هذا قيل بإزاء نبي، نعم، لكن العرف، العرف عند أهل العلم لا يطلقون هلك في غير المواريث، يعني في مسائل الميراث كلها هلك هالك، لكن في غير المواريث إذا ترجموا لأحد أو أعلنوا خبر إنما يقولون: هلك في حق من لا ترضى سيرته، هذا عُرف، وإن كان أصل الكلمة بإزاء من مات من غير زيادة "إذا هلك ولم يؤدِ زكاة ماله، إني أرى أن يؤخذ ذلك من ثلث ماله، ولا يجاوز بها الثلث" والسبب في ذلك يقولون: لأنه متهم أن يقر على نفسه بالزكاة؛ ليحرم وارثه، فلا يشاء أحد أن يمنع وارثه إلا منعه، لكن متى يتهم؟ يتهم إذا ادعى زكاة تجحف بماله، إذا قال صاحب المال: أنا والله من عشرين سنة ما زكيت، تحسب هذه السنين، فلا يبقى للوارث شيء يذكر، أما زكاة سنة واحدة، يعني زكاته تجب أو تحل في رجب، ثم توفي في رمضان مثلاً، وعند وفاته قال: ترى يا أولادي أنا ما طلعت الزكاة، والزكاة اثنين ونصف بالمائة، لا شك أنها دين في ذمته، ودين الله أحق بالوفاء، فتخرج من رأس المال، لكن لو قال: إنها من عشرين سنة ما زكيت، والآن أنا تائب، هنا يتهم أنه يريد حرمان الورثة، وإلا ويش اللي ترك المدة متطاولة وهو ما زكى؟ فإذا قبضه الوارث قبل أن تخلى الزكاة ما عليه شيء، حتى يستقبل به حولاً جديداً.
وفرق بين أن يقر بنسبة لا تؤثر بالمال، زكاة سنة واحدة، هذا يقبل إقراره، وتخرج من أصل المال، لكن إن أقر بشيء يجحف في المال، ويضر بالورثة، من زكاة سنين متتابعة هنا يقال: لا يلزم؛ لأنه حينئذٍ يتهم.