هذا المحتكر يعني من باب أولى إذا كسدت السلعة، ومكثت سنين ما بيعت، يعني هي أولى من المحتكر؛ لأن المحتكر خاطئ وآثم، هذا على رأي الإمام مالك، أما على رأي الجمهور فلا فرق بين التاجر المدير، وبين المحتكر، هذه الأموال إذا حال عليها الحول تقوم وتزكى، وضربنا لذلك أمثلة بالأمس.
يقول: فعروض المدير عنده وديونه التي يطالب بها الناس إن كانت مرجوة يزكيها عند كل حول، والدين الحال يزكيه بالعدد، والمؤجل بالقيمة، أما عرض المحتكر فلا يقوم عنده ولا زكاة فيه، حتى يباع بعين فيزكي العين على حول أصل العرض، وإلى هذا أشار ... إلى آخره.
يقول -رحمه الله تعالى-: زاد مالك في مشهور مذهبه شرطاً، وهو أنه يشترط في وجوب تقويم عروض المدير أن يصل يده شيء خاص من ذات الذهب أو الفضة، ولو كان ربع درهم أو أقل، وخالفه ابن حبيب من أهل مذهبه، فوافق الجمهور في عدم اشتراط ذلك.
ولا يخفى أن مذهب الجمهور هو الظاهر، ولا نعلم أحد من أهل العلم خالف في وجوب زكاة عروض التجارة، إلا ما يروى عن داود الظاهري، وبعض أتباعه، ودليل الجمهور آية، في أحد من المعاصرين يقول بقول أهل الظاهر؟ نعم هو المعروف عن الشيخ الألباني -رحمه الله-، المقصود أنه قول مهجور، عامة أهل العلم على خلافة.
طالب: هل لهم سلف؟
نعم، أهل الظاهر.
طالب: غير داود؟
ما في، ما يعرف إلا عن داود الظاهري.
يقول الشيخ: ولا نعلم أحد من أهل العلم خالف في وجوب زكاة عروض التجارة، إلا ما يروى عن داود الظاهري، وبعض أتباعه، ودليل الجمهور آية، وأحاديث، وآثار، وردت بذلك عن بعض الصحابة -رضي الله عنهم-؛ ولم يعلم أن أحداً منهم خالف في ذلك، فهو إجماع سكوتي.
يقول: فمن الأحاديث الدالة على ذلك: ما رواه أبو ذر -رضي الله عنه- عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:((في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البز صدقته)) الحديث أخرجه الحاكم والدارقطني والبيهقي.
قال النووي في شرح المهذب: هذا الحديث رواه الدارقطني في سننه، والحاكم أبو عبد الله في المستدرك، والبيهقي بأسانيدهم، ذكره الحاكم بإسنادين، ثم قال: هذان الإسنادان صحيحان على شرط البخاري ومسلم.