للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخرص: التقدير، والحزر، وهو معمول به عند الجمهور خلافاً لأبي حنيفة الذي يقول: إنه ظن ورجماً بالغيب وتوقع، ولا يبنى عليه حكم، بل لا بد من الكيل أو الوزن، الكيل فيما يكال، والوزن في ما يوزن، والخرص لا يجدي، لكن الجمهور عليه، وجاءت به الأخبار، ولا شك أن الخرص ظن، لكن الظن متفاوت، فمن الظن ما لا يغني من الحق شيئًا، ومنه ما هو أكذب الحديث، ومنه ما يصل إلى درجة اليقين {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ} [(٤٦) سورة البقرة] وكذلك الخرص، هو حزر وظن وتقدير، لكن يبقى أن الخرص له أهله، بحيث يوجد من يخرص البستان الكامل الذي فيه آلاف النخيل، بحيث لا يزيد ولا ينقص عن الكيل والوزن، كل بضاعة لها أهلها، وكل صنف له رجاله، وكل فن له أربابه، يعني هل يؤتى بخارص يسأل عن سلعة كم تسوى هذه؟ هذا حصل، قال: تسوى أربعمائة، ألف وست، يؤتى بمثل هذا يخرص؟ نعم؟ هذا ما هو الخرص، لكن وجد من يخرص حقيقة حتى في العصور المتأخرة، يعني في العصور الحاضرة، من يخرص البستان من أكبر البساتين فيه آلاف النخيل ولا تزيد إطلاقاً عن الخرص، فالخرص له أصل، وإن كان ظن وتقدير، يعني ما يبنى على مقاييس ومقادير ومكاييل وموازين، لكن له أهله، وكل فن له أهله، يعني تأتي بصاحب العقار ينظر إلى الأرض نظرة عابرة ويقول: قيمتها كذا، وحينئذٍ لا تزيد ولا تنقص، تأتي إلى أصحاب الكتب ينظر المكتبة عشر غرف عشرين غرفة ويقدرها بحيث لا تزيد ولا تنقص، تأتي إلى أصحاب المواشي، تأتي إلى أصحاب النخيل، نفس الشيء، فالخرص شرعي، وفائدته أن الزكوات إنما تؤخذ بعد تمام النضج، بعد تمامه، يعني إذا صار تمر، ما يؤخذ منه وهو رطب، فهل يقال لأرباب الأموال: لا تتصرفون، لا تأكلون منه، لا تبيعوا، لا تفعلوا حتى يكال؟ هو ما يكال وهو رطب، لا يكال حتى يصير تمر، يؤتى بخارص فيقدر أنه يبلغ كذا من التمر، الآن تصرف، عرف حق المساكين، من خلال تقدير الخارص، الآن تصرف، كيله أو بيع أو اللي تبي، هذه فائدة الخرص، وإلا لو كان ينتظرون إلى أن يصير تمر ويكال، ويخرج حق المساكين بدقة، هذا أمر معروف، ومثله العنب.