"وعنده صحاف تسع، فلا تكون فاكهة ولا طريفة" يعني ما يرد مما يستطرف ويستملح "إلا جعل منها في تلك الصحاف" تسع، عدد أزواج النبي -عليه الصلاة والسلام- تسع "فبعث بها إلى أزواج النبي -عليه الصلاة والسلام-" حفظاً له في أهله بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- "ويكون الذي يبعث به إلى حفصة ابنته من آخر ذلك" يعني آخر ما يبعث إلى حفصة "فإن كان فيه نقصان كان بحظ حفصة" لأنها بنته، فلا يتهم، لكن لو قدم حفصة على غيرها اتهم، قال:"فجعل في تلك الصحاف من لحم تلك الجزور فبعث به إلى أزواج النبي -عليه الصلاة والسلام-" بلا طبخ، يعني نيئ، كي يتصرفن به حسب إرادتهن "وأمر بما بقي من لحم تلك الجزور فصنع" يعني طبخ "فدعا عليه المهاجرين والأنصار" براً بهم، واعترافاً بفضلهم، واستئلافاً لهم.
"فقال مالك: لا أرى أن تؤخذ النعم من أهل الجزية إلا في جزيتهم" أي أهل النعم تؤخذ منهم النعم، وأما أهل الدراهم والدنانير تؤخذ منهم الدراهم والدنانير، أي أن أهل النعم يؤخذ منهم ما اتفقوا فيه مع الإمام، مع الإمام يتفقون وإلا فالأصل أن النعم لا تؤخذ، إنما تؤخذ الدراهم والدنانير.
"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عماله أن يضعوا الجزية عمن أسلم من أهل الجزية حين يسلمون" يضع عنهم الجزية المستقبلة وإلا الماضية؟ المستقبلة، ما في أحد يقول: إن في جزية مستقبلة على مسلم، الحالّة التي ما استلمت، أو استلم بعضها دون بعض.
على كل حال الجزية بعد إسلامهم لا تلزمهم اتفاقاً، لكن ما بقي من جزية لزمتهم قبل الإسلام، فقال الجمهور: توضع عنهم ترغيباً لهم في الإسلام، وقال الشافعي: يلزمون بدفعها، استقرت في ذممهم، ووجبت عليهم، فيلزمهم دفعها، وعلى كل حال رأي عمر بن عبد العزيز الذي قال به الجمهور هو الأولى؛ لأن الجزية مقرونة بالصغار، ولا صغار على مسلم، وأيضاً من باب الترغيب، كي يرغب في الإسلام غيرهم.