للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أن عبد الله بن عباس، ابن شهاب يحكي قصة لم يشهدها فهي منقطعة أن عبد الله بن عباس وأبا هريرة اختلفا في قضاء رمضان، فقال أحدهما: "يفرق بينه" يعني جوازاً، يعني يجوز أن يفرق بينه، وقال الآخر: "لا يفرق بينه" متتابع، لا أدري أيهما قال يفرق بينهم؟ أحدهما قال ابن عباس أو أبو هريرة، أحدهما اختار هذا، والثاني اختار هذا؛ لكن لا يدري هل ابن عباس اختار التفريق أو أبو هريرة؟

يقول ابن عبد البر: "لا أدري عمن أخذ ابن شهاب هذا، وقد صح عن ابن عباس وأبي هريرة أنهما أجازا التفريق في قضاء رمضان، وقالا: لا بأس بتفريقه، لقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [(١٨٤) سورة البقرة].

وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يقول: "من استقاء (السين والتاء) للطلب يعني طلب القيء، وتكلفه وطلبه، يعني بذل الأسباب لاستخراج القيء "من استقاء وهو صائم فعليه القضاء" هذا كلام ابن عمر، ومن ذرعه القيء أي سبقه وغلبه فليس عليه القضاء" إلا أن يتيقن أنه خرج من جوفه شيء، ثم عاد إليه، أنه رجع إلى جوفه شيء مما خرج بعد أن صار في فمه، بطوعه واختياره لا قهراً عنه, وإلا لو خرج شيء، ثم عاد بعد أن بذل الوسع واستفرغ الجهد في أن يخرجه فلم يستطع، فهذا كمن طار إلى حلقه ذباب أو غبار، هذا لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

في المسند والسنن من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء فعليه القضاء)) صححه جمع، وقواه الدارقطني، وقال: "رواته كلهم ثقات" وأعله أحمد، وعلى كل حال قال بهذا جمع من أهل العلم أن من استقاء فعليه القضاء، ومن يقول: أن الفطر مما يدخل لا مما يخرج، لا يرى أن في القيء نقضاً للصيام، ولا إبطالاً له كالحجامة.

وعلى كل حال فالحديث قوي، يعني من حاول استخراج القيء فالحديث فيه قوي، عليه القضاء.

وتقدم الكلام فيمن تعرض للحجامة هل بتعرضه لها يكون نوى الإفطار؟ وكذلك من استدعى القيء وطلبه هل يكون نوى بذلك الإفطار؟ أو يفرق بين من يعرف الحكم ومن لا يعرف الحكم؟ وهو الظاهر.