"ورأيتك تلبس النعال السبتية، ورأيتك تصبغ" ثم جاء الجواب عن ذلك على ما سيأتي "ورأيتك تصبغ بالصفرة -تصبغ الشيب بالصفرة- ورأيتك إذا كنت بمكة أهلَّ الناس إذا رأوا الهلال" لأن الإهلال الاستهلال كله مأخوذ من رؤية الهلال، فالناس استصحبوا هذا، وجعلوا الإهلال بالحج عند رؤية هلاله، فرأوا أنهما متلازمان "ولم تهلل أنت حتى يكون يوم التروية" اللي هو اليوم الثامن من ذي الحجة، سمي بذلك لأنهم يتروون ويتزودون فيه من الماء؛ لأن منىً فيها ماء في ذلك الوقت، في الثامن يهلون بالحج، ثم يذهبون إلى منىً فيصلون بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم إذا طلعت الشمس يدفعون إلى عرفة، والمبيت بمنى يوم التروية ليلة عرفة والإقامة بها إلى صلاة الفجر هذه كلها سنن، لا شيء على من تركها.
"ولم تهلل أنت حتى يكون يوم التروية، فقال عبد الله بن عمر: أما الأركان" يعني لا يمس من الأركان إلا الركنيين اليمانيين الذين في جهة الجنوب، وأما الذين في جهة الشمال فلا يمسهما ولا يستلمان، يقول:"أما الأركان فإني لم أرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح إلا اليمانيين" وذلك أن الركنين اليمانيين باقيان على قواعد إبراهيم، والركن الذي فيه الحجر فيه خصلتان: كونه على قواعد إبراهيم، وكونه فيه الحجر الأسود ولذا اختص بأحكام أكثر من أحكام الركن الثاني الذي قبله، نعم هو باقٍ على قواعد إبراهيم، ولذا يستلم، لكن لا يمس مثل الركن الذي ... ، أقول: لا يشار إليه ويستلم، لكن لا يشار إليه مثل الركن الذي فيه الحجر، وأما الركنان الشاميان فلا يستلمان؛ لأنهما ليس على قواعد إبراهيم، وذلكم أن قريشاً قصرت بهم النفقة فأخرجوا جزءاً من الكعبة الذي فيه الحجر، هذا من الكعبة، فلما قصرت بهم النفقة قصروا دون قواعد إبراهيم في هذا الموضع، ومن الصحابة من يستلم جميع الأركان، ويرى أنه ليس في البيت شيء مهجور، لكن العبرة بما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فإني لم أرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمس إلا اليمانيين، نعم، المقصود أنه ما ثبتت الإشارة إليه بخلاف الحجر الأسود.